: آخر تحديث

العلاقات البينيّة بمنظار الكيمياء

10
10
9

ما رأيك في جولة استثنائية في العلاقات البينيّة العربية، ولكن من خلال الكيمياء؟ جولة فيها العرفان وعلوم الكون والحياة. كان القلم قد أشارا مراراً في هذا العمود، إلى أن الإنسان وكل أنماط سلوكياته، يجب أن تكون متجاوبةً، متناغمةً مع الطبيعة والكون. الذين لا يستطيعون السباحة في هذا البحر، يحسبون هذه الطريقة في التفكير، تخلّفاً عند إساءة الظن، فإذا حسُنت نواياهم أشفقوا على صاحبها، بدعوى أنها أساطير الأوّلين.

بادئ ذي بدء، الكيمياء هي من بديع صنع الخالق، ثم إنها وليدة الفيزياء، التي منها كل خلق منذ ومضة البدء، وعندما تتطور مراحل الكيمياء بانبعاث البيولوجيا تنبثق الحياة. أوّل ما يلزم استلهامه من الكيمياء، هو أن الجزيئات التي تتشكل منها المادّة، إنما يقوم تآلفها والتقاؤها على التفاعل الهادف، ما يُترجم في العلاقات البينيّة في حياة البشر، إلى توافق المصالح في التعاون والتعاضد. كيف قامت الحياة كلها على ذرّتي هيدروجين وذرّة أوكسجين، فجرى الماء الذي منه كل شيء حي، بينما كلا العنصرين ناريّ؟ ملح الطعام، كلوريد الصوديوم، فيه عنصر الكلور القاتل، ولكنه مع الصوديوم يجعل الطعام سائغاً. السكر الذي يستخلصه الإنسان من الشمندر، وقصب السكر، ليس سوى كربون وهيدروجين وأوكسجين، وهذه العناصر الثلاثة لا حلاوة فيها، بل إنها تدخل في تركيبات ضارّة أو فتّاكة لا تحصى، كما نجدها في أعداد لا تحصر من الأغذية النافعة، والأدوية الناجعة، والمنتجات المفيدة في الحياة العامّة.

محطّ النظر هو أن ما يجب أن تقوم عليه العلاقات البينيّة، ليس تماثل الآراء، وإنما فاعلية تضافر الجهود. تخيّل كم كان ذلك الجدل مضيعة للوقت، حين اختلفت دول عربية في تحديد الأولويّة: الوحدة أوّلاً أم الحريّة أم الاشتراكية؟ لم تقل الأطراف: ما هي الإنجازات التي نستطيع معاً تحقيقها؟ ذلك هيّن قياساً على الأنكى، فكل الحياة على الأرض تقوم بالدرجة الأولى على ستة عناصر محورية: الأوكسجين، الكاربون، الهيدروجين، النيتروجين، الفوسفور والكبريت. هي ضرورية لكل الكائنات الحية من نبات وحيوان. أليس واجباً تشغيل الخلايا العصبية وتشابكاتها في أدمغة الأربعمئة مليون، لصنع تنمية شاملة وبعث مدنية وحضارة عصريتين، فالخريطة العربية مكوّنة من اثنين وعشرين عنصراً؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الإشكالية: نخشى أن توصل الاكتشافات جدول ماندلييف إلى الألف عنصر، من دون تحقق التفاعلات الخلاّقة بين عناصر العلاقات البينيّة العربية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد