: آخر تحديث

اليوم العالمي للتأتأة

13
14
15
مواضيع ذات صلة

ليس بأيدينا أن نُخلق كما نشاء، ولكنه بعد توفيق الله يمكننا أن نضع بصمة أو نترك أثرا في الحياة، والبعض منا قد يذهب أبعد من ذلك، فيحفر اسمه في ألواح التاريخ.
- في عصر الحضارة اليونانية يٌذكر أنه من أجل فض المنازعات أو المطالبة بالحقوق لابد أن تقف وتتحدث (كالخطيب) وتدلي بحججك أمام جمع من هيئة المحلفين (يعني تأخذ حقك بلسانك!). ويقال أن شخصا يدعى (ديموستيني) ذهب ليتحدث في قضية متنازع عليها، ولكن لسوء حظه أنه تلعثم وتأتأ، وكان صوته ضعيف وغير مسموع (فقد هاب المنظر وكثرة الحضور)، فنزل من المنصة خائبا حسيرا ومنكسرا. فهل توقف أو ابتعد أو انعزل؟ كلا، ولكنه حوّل هذه المحنة إلى منحة. حيث صار يذهب إلى الشاطئ ويصرخ في وجه الرياح بصوت مرتفع وجهوري (كما لو كان يتحدث إلى الجمهور)، وكان أيضا يضع بعضا من الحصى في فمه حتى يتقن النطق للحروف والكلمات، وبعد طول صبر ومحاولات عدة، صار من أشهر خطباء أثينا، فدون اسمه في سجلات التاريخ.
- وحديثنا في هذا المقال هو عن (اليوم العالمي للتأتأة) لأنه يوافق (22) من الشهر أكتوبر الحالي. وتعريفه هو: اضطراب عند خروج الكلام والتحدث حيث يجد المصاب صعوبة في النطق، والبعض يطلق عليه (التلعثم). وبحسب ويكيبيديا يبلغ عددهم نحو (70) مليون شخص، أي بما يقارب من (1%) من سكان العالم. وأنه من المستغرب أن هذا اليوم الدولي ليس من ضمن قائمة الأيام والأسابيع الدولية لدى الأمم المتحدة، ولذلك أن اقترح أن يدرج في القائمة المتعمدة لأهميته من الناحية الاجتماعية.
- ومن القصص الملهمة في هذا الموضوع، هي قصة شخص كان يعاني من تأخر في النطق والتأتأة منذ الطفولة، والتي جعلته يشعر بالحرج في الكثير من المواقف والمناسبات، ولكنه تغلب على كل الصعوبات والعقبات في مشوار حياته حتى استطاع أن ينتزع وبشكل مذهل لقب بطل العالم في الخطابة والإلقاء عام (2015م). هو المهندس (محمد القحطاني) والذي قد تحدث في عدة لقاءات عن تجربته الفريدة لتكون نموذجا واقعيا في تجاوز المعوقات، وفي مواجهة التحديات من أجل ترك أثر وبصمة في نفوس الآخرين. بالإضافة أنه أصبح يلقي المحاضرات والدورات في (فن الخطابة والإلقاء).
- وأما من الناحية الطبية والعلمية، وبحسب موقع وزارة الصحة فقد ذكرت أنه: « حيث ما زال السبب الدقيق لحدوثه غير واضح، على الرغم من الاعتقاد الكبير بأنها ناجمة عن وجود اختلاف في التوصيل عبر أجزاء الدماغ المسؤولة عن الكلام؛ لكن في الأطفال تكون التوصيلات الدماغية لا تزال في مرحلة النمو، مما يفسر سبب تخلص الكثير من الأطفال من التأتأة في النهاية، وسبب سهولة ونجاح المعالجة لدى الأطفال كلما كانوا أصغر سنا، كما يعتقد أن الجينات تمارس دورًا في حدوث الكثير من حالات التأتأة، لأن نحو(66%) من حالات التأتأة تكون متوارثة في العائلة نفسها».
- ومما سبق يتضح أنه هناك أمل كبير في أن الأطفال عندما يكبرون ومع التوعية ومراجعة المختصين، ووجود العزيمة والإصرار أن يتجاوزا تلك العقبة، بل ربما هذه المشكلة (التحدي) قد يكون دافعا لهم وليس مثبطا من أجل زيادة الثقة في النفس عند الشفاء منها. ولعلها كذلك تكون في المستقبل سببا للنجاح في الحياة المهنية والشخصية والاجتماعية. فحين يتجاوز الإنسان مثل هذه العقبات والمشقات يكون قد خلق عادة من عادات النجاح والتطور. والنجاح يُولّد النجاح.
- وأكاد أجزم، أنه لولا الصعوبات والتحديات في الحياة لما تفوق ونجح أحد، ولكن من منا يجرؤ فيقول: أنا لها؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد