هيئة الأفلام السعودية بدأت مبادرة (فيلماثون) والتي ستكون عن الابتكار في صناعة الأفلام، وسيتم استقبال المشاركـــــات فيها حتــــى 31 أغسطس الجاري، وهــــذه المبادرة ستعمل على تدريب المشاركين، وتمكينهم من تطوير منتجات تقنية أولية، وبطريقة تسهم في إيجاد حلول لتحديات هذه الصناعة، وفي أول أسبوع من أكتوبر المقبل، سيقام منتدى الأفلام السعودية في دورته الأولى، وسيضم مئة وخمسين مشاركاً ومتحدثاً، وذلك لمناقشة اتجاهات صناعة الأفلام والممارسات العالمية والفرص والمعوقات، على المستويين الإقليمي والدولي، بخلاف أن المملكة مازالت ومنذ خمسة أعوام تتصدر منطقة الشرق الأوسط في إيراداتها السينمائية، ومن الأمثلة: تحقيقها في 2019 للمركز الثاني عشر عالمياً في إيرادات فيلـــــم (ذا باتمان)، بالإضافة إلى أن شباك التــــذاكر السعودي جاء بعد فرنسا وبريطانيا، وتحديداً في فيلم (توب غان مافريك) في 2022، وسجل مكاسب مالية تصل إلى 22 مليون دولار، وهو يمثل ثالث أعلى مدخول مالي من خارج أميركا، وفي العام نفسه وصلت إيرادات السينما وحدها إلى 80 مليون دولار، والمتوقع وصولها إلى 134 مليون دولار في 2025.
في 2018 عرضت المملكة ثمانية أفلام، وارتفع العدد إلى 11 فيلماً في 2022، والإنتاج السينمائي السعودي مازال في مرحلة التعرف على أذواق الجمهور في الداخل، حتى يحدد ما يمكن العمل عليه في الأعوام السبع القادمة، وبإجمالي 100 فيلم سعودي خالص، والأرقام معقولة كبداية، بالنظر إلى الإنتاج السنوي لهوليود الأميركية، والذي تراوح ما بين 95 و115 فيلماً خلال عامي 1995 و2019، بينما في الصين زاد الإنتاج بمعدل الضعف، أو من خمسمائة إلى ألف فيلم في عشرة أعوام، والسوق الصيني والكوري لديهما تصاعد عجيب في إنتاج الأفلام، ولكنهما لم يتعرفا بشكل دقيق على ما يريده الجمهور، ومازالا في دائرة التجربة والخطأ، مقارنة بالنضج في السوق الأميركي نتيجة لتراكم الخبرات السينمائية.
هوليود تعد من أهم ركائز الهيمنة الثقافية والقوة الناعمة لأميركا، علاوة على تحكمها في قائمة أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات حول العالم، وتوفر قرابة مليوني وظيفة لقطاع الأفلام الأميركي، و(نوليود) النيجيرية تضخ نحو ستمائة مليون دولار في الاقتصاد النيجيري سنوياً، وقد حلت بالفعل محل الأفلام الأميركية في مجمــــوعة من الدول الأفريقيــــة، وغيرت في الصورة النمطية السلبية عن مواطني نيجيريا، والمملكة لديها كل مقومات الدولـــة القائدة في المجال السينمائي، وبالأخص في منطقتــي الشــرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبإمكانها تعميم اللهجة السعودية البيضاء، وربما التمهيد لـ(سوليود) تقود الفن السابع في محيطها الإقليمي وتؤسس لحضور عالمي لافت.
بالتأكيد من يراهن على منصات البث الرقمية سيخسر، لأنها لم تحقق نجاحاً إلا في أزمة كورونا، وساهم انعدام البدائل في وفرتها المالية، وفي زيادة إنفاقها منذ 2020، ولكنها فقاعة وستنفجر كغيرها، وقــدر حجم إنفاق نتفليكس على الإنتاج السينمائي في ذات العام، بما قيمته 16 مليار دولار، إلا أنها لا تعطي تجربة مشابهة لأجواء المشاهدة في دور العرض، مع ملاحظة أن الأفلام السينمائية المهمة تعرض في السينما أولاً، وإذا انتهت فترتها تتوجه لمنصات البث الرقمية.
يوجد في المملكة وفق إحصاءات 2022 قرابة 67 مجمعاً سينمائياً في 20 مدينة، ومعها 11 مشغلاً سينمائياً لأكبر سلاسل الأفلام أبرزها: فوكس سينما، والمشغل المحلي موفي سينما، وقبل عام ونصف العام تقريباً، أعلن صندوق التنمية الثقافي عن برنامج لدعم صناعة الأفلام للسعوديين، وبقيمة مئتين وثمانية ملايين دولار، ما يعني أن الاستثمار سيكون في الأفلام وفي إنتــــاجها، والدولة تخطط للوصول في 2030 إلى 450 مجمعاً سينمائياً، تعرض 2500 فيلم في كامل المناطق السعودية، بجانب رفع مبيعات التذاكر لمليار دولار في 2030، والسابق سيضعها ضمن أفضل عشرين سوق للسينما العالمية.
المشكلة أن أسعار التذاكر الحالية تصل إلى 16 دولاراً للشخص الواحد، مقارنة بالمتوسط في بقية الدول العربية، والمقدر بنحو تسعة دولارات، وهنــاك من يعتقد بأنها تعود إلى الضريبة على التذكرة بنسبة 12 %، وأتصور أن المسألة تحتـــاج لإعادة نظر، ولا بد من البحث عن نصوص تلامس الثقافة المحلية بشكل واضح، وبدون مبالغة أو تزييف أو كـــــوادر غير سعودية، وبما يســـاعد في الخروج بهوية إنسانية مميزة للأفلام المحليــة، وبما يمكنها من المنافسة على جوائز الأوسكار في باب الفيلم الأجنبي، فرغم عمر الجائزة الذي يتجاوز تسعيــن عاماً، إلا أنه لم يفـــــز بها إلا فيلم جزائري واحد اسمه (زد) في عام 1970، وكان ذلك من أصل تسعة أفلام عربية تنافست عليها، ما بين عامي 1970 و2018، وبواقع ثلاثة أفلام جزائرية وفيلمين لفلسطين وفيلم لكل من لبنان وموريتانيا، والأعمال السينمائية السابقة أنجزت بميزانيات متواضعة جداً، ولكنها تميزت في الفكرة والسرد المختلف، وبأسلوب أفلام الإيطالي فدريكو فليني، وننتظر فيلماً سعودياً أوسكارياً في 2030.

