: آخر تحديث

قمة القاهرة لدول جوار السّودان... خطوة في الاتّجاه الصّحيح ولكن

17
19
21
مواضيع ذات صلة

 
تُشكّل قمة دول جوار السودان التي انعقدت يوم أمس في القاهرة بحضور ثماني دول هي مصر، ليبيا، تشاد، أفريقيا الوسطى، جنوب السودان، إثيوبيا، إريتريا، والسعودية التي تشارك السودان حدوداً بحرية، خطوة إضافية في الاتجاه الصحيح لإيقاف الحرب الدائرة في هذا البلد الكبير حيث يتواجه الجنرالان عبد الفتاح البرهان، وأحمد حمدان دقلو "حميدتي" في حرب قاسية ودموية تدفع في كل يوم السودان الى حافة "الحرب الأهلية الشاملة" التي إن اندلعت لن تتوقف قبل أعوام عدة، وقبل أن تدمر الكيان السوداني كدولة موحدة، تاركة خلفها عشرات الآلاف من الضحايا، وملايين النازحين واللاجئين.
 
إيجابية خطوة قمة القاهرة مردها أن الاهتمام بمصير السودان بدأ يتخذ أبعاداً مختلفة، قائمة على قلق كبير يعم معظم دول الجوار التي تنظر إلى حوادث السودان على أنها إشارات سلبية لاحتمال توسع دائرة القتال والنزاعات. فالصراع السياسي – العسكري الحالي بين رئيس المجلس السيادي الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقائد "قوات الدعم السريع" أحمد حمدان دقلو، يتوسع تدريجياً، مشعلاً في طريقه نزاعات إثنية، قبلية، طائفية وجهوية في غير ولاية من ولايات السودان. وما تشهده ولاية دافور من مواجهات قبلية يشير إلى أن الحرب الدائرة يمكن أن تأخذ أبعاداً تتجاوز الحدود الدولية للسودان مع دول الجوار. فالأمم المتحدة تحذر من "حرب أهلية شاملة". وأعداد الإصابات في صفوف المدنيين بسبب القصف المتبادل بين الأحياء السكنية تتزايد كثيراً. والوضع المعيشي يتدهور بسرعة. أما النزوح فقد وصل حتى الآن إلى ما يقارب 3 ملايين شخص نزحوا من مناطق القتال في العاصمة الخرطوم، وولاية دارفور. ولعل في عبور أكثر من 250 ألف لاجئ سوداني الحدود إلى مصر، ما من شأنه أن يشكل جرس إنذار لما يمكن أن يتحول خلال بضعة أشهر إلى عبور قد يتجاوز ملايين عدة.
 
وسط هذه الصورة القاتمة، ومع إفشال الطرفين جميع الهدن التي جرى الاتفاق بشأنها بوساطات خارجية، لا سيما عبر منصة جدة السعودية – الأميركية، يمكن الاستنتاج أن الطرفين يرفضان إيقاف القتال. والأمر لا يقتصر على وساطة منصة جدة، بل على منصة منظمة "إيغاد"، وأيضاً  منصة "الاتحاد الأفريقي". ويقيننا أن السبب الرئيسي يعود إلى اقتناع كل من الطرفين بأنهما قادران على حسم المعركة بشكل أو بآخر. من هنا رفضهما الاستجابة لأي من مسارات التسوية التي تقترحها المنصات الثلاث. فلا الهدن تصمد، ولا اقتراح تحييد العاصمة وسكانها عبر نشر قوات أفريقية – عربية كما تقترح منظمة "إيغاد" يمر، ولا فتح المسار السياسي لتسليم السلطة للمدنيين يجد مكاناً تحت سماء الحرب السوادنية الراهنة. وبالطبع ثمة عنصر آخر يتمثل بعودة تدريجية وملحوظة لتأثير بقايا نظام عمر البشير إلى مسرح الحرب والنفوذ.
 
لكن ثمة زاوية أخرى للحرب المستعرة، ألا وهي التدخلات الخارجية، من دول الجوار وغيرها التي بدأ المراقبون يستشعرون أثرها على الوضع الميداني. والبعض يصف ما يجري بأنه حروب صغيرة بالوكالة بين أطراف متعددة قريبة وبعيدة من المسرح. ويعتبر بعض المراقبين أن التدخلات الخارجية تمثل أحد أسباب اقتناع كل من الطرفين بأنه قادر على هزيمة الطرف الآخر. والخارج قادر على تأمين وسائل لاستمرار تدفق المال والسلاح والذخيرة، وبالتالي لاستمرار القتال.
 
خلاصة القول أن قمة القاهرة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تفتقد أدوات كافية لإجبار المتحاربين على إيقاف القتال، والاحتكام إلى المفاوضات. وحتى الآن يبدو أن الهدف لا يزال بعيد المنال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد