: آخر تحديث

وضوح إيراني… وغموض أميركي!

41
31
30
مواضيع ذات صلة

يصعب التكهن بما يمكن أن تفضي إليه المفاوضات غير المباشرة الأميركية - الإيرانية. الأمر الوحيد الأكيد أن هذه المفاوضات باتت حقيقة وأن إدارة جو بايدن تراهن على تجميد للبرنامج النووي الإيراني وإطلاق سجناء أميركيين في مقابل الإفراج عن أموال إيرانية محتجزة في أنحاء مختلفة من العالم، بينها كوريا الجنوبيّة.

يبدو أول الغيث الإفراج عن نحو ملياري دولار عائدة إلى إيران كانت محتجزة في العراق ثمنا لكهرباء ورّدتها "الجمهورية الإسلامية" للبلد الجار الذي جعلته تحت وصايتها بفضل المغامرة التي قام بها جورج بوش الابن في العام 2003. تبدو هذه الخطوة العراقية تجاه طهران، وهي خطوة سمحت بها واشنطن، بمثابة دليل على حسن نية أميركية على هامش المفاوضات الدائرة بين واشنطن وطهران برعاية سلطنة عُمان.

واضح ما الذي تسعى إليه "الجمهورية الإسلامية". ما ليس واضحا، بل هو غامض، ما تسعى إليه إدارة جو بايدن التي تدرك قبل غيرها، أو هكذا يُفترض، خطورة المشروع التوسّعي الإيراني وأبعاده وانعكاساته على دول المنطقة، خصوصا العراق وسوريا ولبنان واليمن. يتأكّد يوميا أنّ جزءا من اليمن تحول، في ظل تهاون أميركي، إلى قاعدة عسكريّة لـ"الجمهورية الإسلامية" في شبه الجزيرة العربية…

يتمثل الوضوح الإيراني في السعي إلى تكرار تجربة باراك أوباما مع جو بايدن، وهي تجربة توجت بتوقيع الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني بين مجموعة الخمسة زائدا واحدا و"الجمهورية الإسلامية". في الواقع، كان الاتفاق أميركيا - إيرانيا. لم تكن مجموعة الخمسة زائدا واحدا، أي الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي أضيفت أليها ألمانيا، سوى تغطية لفعل أميركي صبّ في مصلحة إيران.

في المقابل يتمثل الغموض في تصريحات تصدر عن مسؤولين أميركيين، بمن في ذلك مصادر في وزارة الخارجية قالت حديثا: "نريد من إيران اتخاذ خطوات لوقف أعمالها المزعزعة لاستقرار المنطقة. يشمل ذلك خطوات لتقليص برنامجها النووي”. ليس معروفا ما الذي تريده أميركا من إيران باستثناء الاستعداد لصفقة تشمل مواطنين أميركيين محتجزين في سجون "الجمهورية الإسلامية".

في النهاية، ليس هناك موقف أميركي واضح من إيران منذ عهد الرئيس جيمي كارتر الذي تصرّف بطريقة عجيبة غريبة لدى احتجاز الإيرانيين دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني - نوفمبر من العام 1979. أسّس سلوك إدارة كارتر لسياسة أميركيّة ما زالت مستمرّة إلى يومنا هذا. تقوم هذه السياسة على تقديم تنازلات إلى إيران بمجرّد احتجازها مواطنين أميركيين… حتّى لو كان ذلك في لبنان.

هناك كلام كثير عن الأهداف الأميركية من التفاوض مع إيران. لكنه، لا يمر يوم إلا ويزداد الغموض الأميركي فيما تريد إيران التوصل إلى صفقة تسمح لها باستعادة مليارات من الدولارات وذلك في ضوء رفع جزئي للعقوبات الأميركية. كذلك، تسمح لها مثل هذه الصفقة بتخفيف الضغط الأميركي على الاقتصاد في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها "الجمهورية الإسلامية" مع تقدم "المرشد" علي خامنئي في السن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد