: آخر تحديث

الاستقرار الإقليمي في ظل التعاون الإيراني - الروسي

13
18
18
مواضيع ذات صلة

إيران - الخُمينية - المُتطرفة سياسياً، والمؤسِسة للتنظيمات الإرهابية، والداعمة للجماعات المتطرفة، والراعية للعناصر المُنحرفة سلوكياً، والممولة للمُمارسات الهدامة، والمُصدرة للأفكار الفوضوية، والمُخربة للمجتمعات المُستقرة، والداعية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، والسَّاعية لتدمير النُظم السياسية المُعتدلة، والمُزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي، تستغل الظروف الدولية للخروج من حالة العزلة السياسية الإقليمية والدولية، وتسعى لكسر العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها دولياً، وتعمل بشكل متسارع على زيادة قدراتها الأمنية والعسكرية. وهذه المحاولات الإيرانية القائمة على استغلال الظروف الدولية مستمرة مُنذُ وصول الخُميني للحكم في طهران، عام 1979م، حيث تأرجحت في البدايات بين التقدم والتأخر، وبين الفشل الذريع والنجاح الجُزئي في بعض الأوقات، إلى أن وصلنا للعام 2003م لتصبح من بعدة النجاحات هي السمة الغالبة على المحاولات الإيرانية لتخفيف عزلتها السياسية، ولكسر العقوبات الاقتصادية، ولزيادة بناء قدراتها العسكرية. وعلى امتداد العشرين عاماً الماضية (2003 – 2023م)، تمكنت السياسة الإيرانية –على الرغم من سلوكياتها المتطرفة وممارساتها الإرهابية– من أن تبني علاقات سياسية متقدمة، وتوقع اتفاقات تعاون اقتصادية وتجارية واستثمارية، مع قوى كُبرى في المجتمع الدولي مما ساهم بشكل مباشر وغير مباشر من تقوية نظامها السياسي، وصاعد من ممارساتها الإرهابية، وزاد من سلوكياتها المتطرفة في المجتمع الدولي. فإذا كان ذلك هو حال إيران مع الإرهاب والتطرف وهي المعزولة والمعاقبة دولياً، فكيف سيكون حالها وسلوكياتها وممارساتها الإرهابية والمتطرفة بعد تخفيف عزلتها السياسية وتزويدها بأحدث التقنيات العسكرية المتقدمة والنوعية؟ وإلى أي مدى ستتأثر سلباً حالة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي – في منطقة الشرق الأوسط وما جاورها – خاصة بعد أن تصاعدت حالة التعاون الاستراتيجي مع روسيا مُنذ 2022م؟

نعم، إن التطرف والإرهاب الإيراني تصاعد تصاعداً تدريجياً خلال العقود الأربعة الماضية ليؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاقليمي، إلا أن هذا التصاعد ساهمت به –بشكل غير مباشر– سياسات الدول الرئيسة في المجتمع الدولي. فإذا استرجعنا التاريخ القريب لنرى التوسع الكبير والتحول الجذري والعريض في الممارسات الإرهابية والمتطرفة لإيران، فإننا نجدها قد بدأت في العام 2003م عندما قررت الولايات المتحدة اسقاط نظام البعث في بغداد واحتلال الدولة العراقية. هذه السياسة الأمريكية –المُندفعة وغير المدروسة– مثَّلت نقطة التحول الرئيسة في السياسات الإقليمية، وأثرت على توازن القوى في المنطقة، وأثرت سلباً على مستقبل الأمن والسلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وما جاورها. ومُنذُ تلك اللحظة التاريخية، وذلك الحدث الفاصل في تاريخ المنطقة، تصاعد التطرف والإرهاب الإيراني مُستغلاً الفراغ السياسي الكامل في دولة العراق ليؤسس تنظيمات متطرفة، وجماعات إرهابية، ومليشيات طائفية مُسلحة، وأحزاب تابعة، وعناصر عميلة، تُمكن النظام السياسي الإيراني من تنفيذ سياساته المُنحرفة والهادفة لتصدير الفوضى الشاملة لمجتمعات ودول المنطقة والعالم. نعم، لقد مثَّلت السيطرة الكاملة على الساحة العراقية نقطة تحول استراتيجية في السياسة الإقليمية حيث تصاعدت اعداد التنظيمات الإرهابية، والجماعات المتطرفة، في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة، وزاد عدد العمليات الإرهابية إلى مستويات كبيرة حتى تسببت بسفك دماء عشرات الالاف من الأنفس البريئة، وفقد المجتمع العراقي حالة السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي. وبعد أن سيطرت التنظيمات والجماعات والمليشيات والأحزاب الإيرانية الارهابية على الجغرافية العراقية، توجهت السياسة الإيرانية المُتطرفة نحو سورية مستغلة حدودها الجغرافية المشتركة مع العراق، ومُوظفة جماعاتها ومليشياتها واحزابها الإرهابية وعملائها ومرتزقتها في العراق ولبنان. وبعد أن تمكنت من زعزعة أمن وسلم واستقرار المجتمع والدولة السورية، سعت لزعزعة أمن وسلم واستقرار الدولة اليمنية عن طريق عملائها بجماعة الحوثي الإرهابية.

وإذا كانت السياسة الأمريكية المُتعلقة باحتلال العراق تسببت –بشكل غير مباشر– في خدمة الاستراتيجية الإيرانية المُتطرفة ودفعتها دفعاً لممارسة المزيد من السلوكيات الإرهابية في المنطقة، فإن السياسات الصينية الإيجابية تجاه النظام السياسي الإيراني أعطى رسالة دعم وقبول لسياساتها المتطرفة تجاه المنطقة والعالم. نعم، إن توقيع اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران والصين" –او ما يُطلق عليه "برنامج التعاون الإيراني الصيني لمدة 25 عاماً"– في مارس 2021م، المتضمن استثمار الصين 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني مقابل امدادات من مصادر الطاقة الإيرانية، يُعبر –بشكل غير مباشر– عن دعم ومساندة وقبول الصين للممارسات والسلوكيات الإيرانية المُزعزعة للأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، كما أنه يمثل في الوقت نفسه تسويقاً –غير مباشر– للسياسات الإيرانية غير القانونية أمام المجتمع الدولي. وإذا افترضنا أن الصين لا تتفق مع السياسات الإيرانية المتطرفة، وتعارض سلوكياتها الإرهابية في المنطقة والعالم، فإن ارتباطها بعلاقات استراتيجية مع إيران يفرض على الرأي العام الذهاب بالتفكير والحسابات نحو اتجاهات وحسابات سلبية نحو الصين حتى وإن كانت تعلن معارضتها للسياسات الإيرانية المُتطرفة. وتتصاعد هذه الحسابات نحو السلبية تجاه الصين عندما يضع الرأي العام في اعتباره أن الصين تتمتع بالعضوية الدائمة بمجلس الأمن وتقع عليها مسؤوليات كبيرة تتعلق بحفظ الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي والعالمي، فكيف بها تقيم علاقات استراتيجية مع نظام خارج عن القانون الدولي، ويمارس التطرف والإرهاب الدولي كالنظام السياسي الإيراني.

وإذا كانت الممارسات الأمريكية عززت من استراتيجية إيران الإرهابية في المنطقة، وإذا كانت السياسات الصينية عززت مكانة النظام السياسي الإيراني داخلياً واقليمياً ودولياً، فإن التعاون المتقدم جداً، أو العلاقة الاستراتيجية، بين إيران وروسيا –والذي شمل توقيع اتفاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية وأمنية وعسكرية ولوجستية– من شأنها أن تضاعف القدرات والإمكانات الأمنية والعسكرية واللوجستية للنظام السياسي الإيراني مما يمكنه ويشجعه على تصعيد ممارساته الإرهابية في المنطقة والعالم. نعم، إن التعاملات الأمنية والعسكرية واللوجستية القائمة بين إيران وروسيا والمتضمنة تزويد إيران بأحدث الأنظمة والادوات والأسلحة العسكرية والحربية المتقدمة جداً في مجال الحروب، ومن ذلك تزويده بعشرات الطائرات الحربية الروسية الحديثة من طراز سوخوي – 35، يعني بأن المنطقة مُقبلة على حالة غير مسبوقة من حالات غياب الأمن والسلم، وتفتيت المجتمعات، وزعزعة الاستقرار السياسي في المنطقة وما جاورها، وكل ذلك سيكون بأيدي إيرانية مُتطرفة، وسلاح روسي نوعي وحديث ومتقدم تقنياً وتكنولوجياً.

وفي الختام من الأهمية القول إن على روسيا أن تُدرك أن تعاونها الاستراتيجي المُتقدم مع النظام السياسي الإيراني المتطرف –خاصة تزويده بأحدث الأنظمة الحربية والعسكرية واللوجستية– سيُعرض الاستقرار الإقليمي لمخاطر عظيمة تؤثر بطبيعتها على استقرار دول الجوار الإقليمي، وستعُم بتبعاتها السلبية الكبيرة المجتمع الدولي كله بما فيها الدول الرئيسة والكُبرى. نعم، إن على الدول الرئيسة في المجتمع الدولي –أمريكا وروسيا والصين– إدراك أن سياساتهم وتعاملاتهم وممارساتهم وسلوكياته تؤثر تأثيراً مُباشراً على حالة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي والعالمي حتى تشمل تأثيراتها المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والفكرية والأيديولوجية وغيرها من مجالات. نعم، إننا نؤمن بحق الدول في حماية أمنها والمحافظة على وحدة مجتمعاتها وتعزيز قدراتها خدمة مصالحها، إلا أن هذه الحقوق المكفولة للدول يجب أن لا تكون على حساب أمن وسلم واستقرار الدول الأخرى في المجتمع الدولي؛ وتزداد هذه المسؤولية الدولية في حماية وحفظ الأمن والسلم والاستقرار العالمي عندما تكون هذه الدول مسؤولة مسؤولية دولية وذات مكانة عالمية كما هو حال الدول دائمة العضوية بمجلس الامن – أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد