: آخر تحديث

الحلقة المفقودة في الثقافة العربية

17
16
16
مواضيع ذات صلة

ما رأيك في أن نفكر بعيداً، في منطقة نائية عمّا هو سائد في العالم العربي؟ أن نضيف قيمة مضافة إلى الثقافة العربية المتعارف عليها، لكن بشرط بسيط وهو أن نتعاهد على تيسير فهم ما نقول. ستقول قطعاً: من هنا تعقّدت الأمور، فمنذ القديم جنى علينا القدامى بقولهم: «اتفق العرب على ألاّ يتفقوا»، مع ذلك سنحاول، فمن المسلّم به أن التقدم ولو خطوة واحدة، غير ممكن إذا لم نتفق على مفهوم معقول للثقافة العربية.

ههنا المحذور. من أسهل السهل استيعاب المقصود عند الحديث عن الأدب العربي، لكن من الصعب تحديد ما تعنيه عبارة «الفكر العربي». عليك ضرب الصعوبة في ألف إذا أنت عنيت الفكر الذي يمثل طريقة التفكير العربية، الفكر الذي يمكن أخذه ودراسته كنموذج للإنسان العربي، أو العقل العربي. ولكي تصب زيت الإشكال على نار الغموض، عليك أن تسأل ما هي ملامح الثقافة العربية ومعالمها، التي يستطيع الباحث الدارس بها التعرف إلى خصائص الشخصية العربية.

الوضع معقد إلى حد ما، وربما جدّاً. لك أن تغبط الصينيّ فهو ينتمي إلى 1.5 مليار نسمة أمورهم واضحة مختصرة. اجمع باقة ثقافية من تعاليم كونفوشيوس وعرفان لاو تسو وأشعار الأسرتين تانج وسونج وشذرات من الأمثال الصينية، ولا تنسَ كتاب «فن الحرب» للجنرال صن تزو، كل ذلك لا يتطلب أكثر من أسبوع، وستراك ملمّاً بطريقة تفكير الصيني ورؤيته للحياة وللعلاقات عامّة.


هل يستطيع مفكرونا ومثقفونا وأهل المناهج أن ينسجوا لنا على هذا المنوال نموذجاً لثقافة عربية لها ملامح ومعالم نفهم بها أنفسنا، وتدركها الأجيال بلا عناء، ويتسنى للغير الإلمام بخيوطها؟

على المعنيين بهذا الشأن الذي له شؤون وشجون ألاّ يتصوروا أن القضية بسيطة، فالمأساة أن يتوهم أولئك المعنيون أن تلك القضايا غير ذات بال. كل مشكلات الروابط البينية العربية علة وجودها هذه البؤرة الثقافية تحديداً. لعل القوم نسوا أن بريطانيا «نصحت» العرب بتأسيس منظمة يستطيعون فيها الكلام بصوت واحد. صارت النصيحة نطيحة. ولم تصدق العزائم في التطبيق إلى اليوم. لم يتحقق الصوت الواحد. المفارقة الغريبة هي أن تعددية طرائق الفكر والتفكير لدى العرب لا تدل على ثراء التفكير ووجود منظومة قيم فكرية وثقافية بوصلية.

لزوم ما يلزم: النتيجة اللاّصوفية: التشتت الفكري الثقافي في العالم العربي، ليس فيه وحدة في الكثرة ولا كثرة في الوحدة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد