: آخر تحديث

الانعكاسات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية

38
34
38
مواضيع ذات صلة

دخلت الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا أسبوعها الثالث دون نتائج حاسمة على الجبهة العسكرية، وبغض النظر عن الأهداف التي أعلنتها روسيا لحملتها، فإن النتائج المترتبة عليها سوف تؤدي إلى تغيرات عالمية كبيرة سواء نجحت تلك الحملة أو فشلت، ففي حال نجاحها، فإن أوكرانيا، على أقل تقدير، سوف تجبر على التحول إلى دولة فيدرالية، يكون الجنوب الشرقي الروسي جزءاً منها، وهذا النجاح، سوف يؤدي إلى إضعاف الولايات المتحدة وتعزيز التحالف الروسي - الصيني. أما إذا فشلت الحملة العسكرية، فإن روسيا سوف تنكفئ وتتحول إلى دولة منبوذة، الأمر الذي سوف يعزز الموقف الأميركي وموقع الولايات المتحدة في النظام العالمي.

أما على الجانب الاقتصادي، فإن نجاح الحملة الروسية سوف يؤدي، على المدى القريب، إلى تشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ولكن هذه العقوبات لن تدوم إلى لفترة طويلة، وفي هذه الأثناء ربما تقوم روسيا بإجراء إصلاحات اقتصادية تؤدي إلى تعزيز استقلال اقتصادها واعتماده على نفسه بشكل أكبر، وفي حال فشلت الحملة، فإن روسيا سوف تعود إلى الاقتصاد العالمي ولكن سوف تتحمل تكاليف ضخمة، ليس أقلها دفع تعويضات إلى أوكرانيا عن الأضرار التي لحقت بها خلال الحملة العسكرية.

إن الاقتصاد العالمي سوف يشهد، على المدى القصير، نقصاً في الإمدادات التي مصدرها روسيا، وأهمها مصادر الطاقة (النفط والغاز)، والعديد من الخامات التي تصدرها للسوق العالمية، مثل: النيكل والحديد وغيرها. كذلك، فإن أسواق الحبوب سوف تشهد انخفاض العرض عن الطلب.

ومصادر الطاقة تعتبر من السلع قليلة المرونة. ولذلك، فإن أسعارها سوف ترتفع خلال الفترة المقبلة، وربما تصل إلى مستويات لم تشهدها من قبل، وهذا طبعاً يصب في مصلحتنا، باعتبارنا من أكبر مصدري النفط في العالم. كذلك، فإن دول مجلس التعاون هي الأخرى سوف تحصل مثل المملكة على عوائد مجزية، ولهذا، فإن الوقت قد حان للإسراع في إعادة هيكلة الاقتصاد وتنفيذ المشروعات الاقتصادية الضخمة.

وبالعكس، فإن ارتفاع أسعار الحبوب، والتي هي أيضاً قليلة المرونة، سوف تزيد العبء على ميزانيات الأسر. ولكن، إذا أدى ارتفاع العائدات إلى تخفيض ضريبة القيمة المضافة، فإن ذلك سوف يعادل الأثر المترتب على زيادة أسعار الحبوب.

أما على الصعيد العالمي، فإن العقوبات المفروضة على روسيا سوف تؤدي على المستوى القريب إلى فك ارتباط اقتصادها بالاقتصاد العالمي، خاصة إذا شملت العقوبات مصادر الطاقة الروسية. ولكن ارتفاع أسعار الطاقة، من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد العالمي، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى تقلص الطلب على الطاقة ومعاودة أسعارها إلى الانخفاض في المستقبل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد