إيلاف من بيروت: أعلنت الأكاديمية السويدية اليوم، الخميس، فوز الكاتبة الفرنسية آني إرنو بجائزة نوبل للآداب 2022، لتخلف الأديب التنزاني عبد الرزاق قرنح الذي فاز بالجائزة العام الماضي.
وقد ذهبت الجائزة إلى إرنو "للشجاعة والبراعة التي اكتشفت بها الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية، بحسب بيان الأكاديمية السويدية، وهي الجهة التي تمنج الجائزة.
ولدت إرنو في الأول من أيلول/سبتمبر 1940 بليلوبون (السان البحرية). وهي كاتبة فرنسية ومدرسة أدب فرنسي. حصلت على جائزة رينودو الأدبية عام 1984.
وتمنح الجائزة الأكاديمية السويدية، وتبلغ قيمتها 10 ملايين كرونة سويدية، أو ما يعادل نحو مليون دولار تقريباً.
تجارب خاصّة وحميمة
عُرفت روايات إرنو بتمركزها، في الغالب، حول تجاربها الخاصّة والحميمة، حيث لا تغادر أعمالُها مواضيعَ مثل الأزمات العائلة، والإحساس بالعار تجاه الطبقة التي تنتمي إليها، إضافة إلى كتابتها عن علاقاتها العاطفية دون استعارات أو تورية، وهو ما تسبّب بإثارة العديد من النقاشات الحادّة عند صدور عدد من أعمالها".
عملها الأخير، "الشاب"، الذي صدر قبل بضعة أسابيع، ينتمي إلى هذه الأجواء، وهو يتحدث عن علاقة إرنو الحميمة مع شاب يصغرها بثلاثة عقود. وقد تلقّت الرواية، منذ صدورها، عدداً كبيراً من المراجعات النقدية التي اعتبرت أنها ربما أهم عمل صدر خلال الموسم الأدبي الجديد هذا الخريف".
غلاف كتاب "السنوات" من تأليف الكاتبة الفرنسية آني إرنو
منذ كتابها الأول، "الخزائن الفارغة" (1974)، أصدرت آني إرنو نحو عشرين كتاباً، بين رواية وقصة وسرد سيَري، من بينها "الساحة" (1983) التي فازت بجائزة "رونودو"، و"عاطفة بسيطة" (1993)، و"السنوات" (2008)، الحاصلة على جائزتي "مارغريت دورا" و"فرنسوا مورياك" عامَ صدورها، و"الفتاة الأُخرى" (2011)، و"ذاكرة فتاة" (2016).
أزمة طويلة
والأكاديمية اليوم في طور التعافي من أزمة طويلة بعد فضيحة تندرج في إطار الموجة النسوية "#مي_تو" (أنا أيضا) شهدها عام 2018 والضجة التي أثارها العام التالي منح جائزة نوبل للكاتب النمساوي بيتر هاندكه الذي اتخذ مواقف مؤيدة للرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.
ومنذ الهزة التي أحدثتها فضيحة الفرنسي جان-كلود ارنو، زوج عضو الأكاديمية الشاعرة كاتارينا فروستنسون، والاضطرار إلى تأجيل الإعلان عن جائزة 2018 لمدة سنة، فازت بالجائزة سيدتان هما البولندية أولغا توكارتشوك، ثم الأميركية لويز غلوك، فيما حصل عليها رجل واحد. وتشكّل هذه الغلبة النسائية في الأعوام الثلاثة الأخيرة مدعاة تفاؤل للمؤلفات المُتداوَلَة أسماؤهن كمؤهلات للفوز، ومنهنّ الأميركية جويس كارول أوتس والفرنسيتان آني إرنو وماريز كوندي، والكندية مارغريت أتوود.
وحصلت 16 امرأة على الجائزة الأدبية المرموقة منذ تأسيسها، كانت أولاهنّ الكاتبة السويدية سلمى لاغيرلوف عام 1909. ومن بين المحتمل منحهنّ الجائزة أيضاً الروسية لودميلا أوليتسكايا التي سيكون فوزها، لو حصل فعلاً، بمثابة رسالة مناهضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
مرشحون بارزون
وعلى مواقع المراهنات، كان من الأسماء المتداولة للفوز بالجائزة هذه السنة الفرنسي ميشال ويلبيك، إضافة إلى الشاعرة الكندية آن كارسون، فضلاً عن سلمان رشدي الذي نجا من محاولة قتل في أغسطس/آب.
ولم تشجب الأكاديمية إلا عام 2016 الفتوى التي استهدفت رشدي مؤلّف "آيات شيطانية" من منطلق حرصها على الحياد، مما أثار استياء عدد من أعضائها.
ومن الأسماء المتداولة دائماً أيضاً الكيني نغوغي واثيونغو، المجري لازلو كراسزناوركي، الأميركيان توماس بينشون ودون ديليلو.
ويقول الناقد الأدبي يوناس ثينتي "روايات ما بعد الحداثة الأميركية لم تحصل على أي جائزة حتى الآن".
وكان من المرشحين الآخرين النروجيان جون فوس، كارل أوف كناوسغارد، فضلاً عن الفرنسي المغربي طاهر بن جلون والكرواتية دوبرافكا أوغريسيتش.
وفي هذا السياق، تقول الناقدة الأدبية ماريا هيمنا رامنيهيل عن الاسمين الأخيرين: "أعتقد أن لكليهما، ولو بطريقة مختلفة، مؤلفات عن الهويات". وتضيف "يتحدثان عن هويتيهما بطريقة معقدة، ويسلطان الضوء على واقع متشابك يصعب فهمه ولا يمكن تفسيره بحلول بسيطة".
نقاد الجائزة
ويرى الأكاديمي الأميركي بروتون فيلدمان في كتابه النقدي "جائزة نوبل.. تاريخ العبقرية والجدال والحظوة" أن "الجائزة تُرى على نطاق واسع بوصفها سياسية، أي جائزة نوبل للسلام متنكرة في قناع أدبي".
وكان السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية هوراس إنغدل أعلن عام 2009 أن "أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي" وأن "الولايات المتحدة معزولة للغاية، ولا تترجم بشكل كاف ولا تشارك حقا في الحوار الكبير للأدب".
وشكك الروائي والأكاديمي البريطاني تيم باركس في أن يكون أعضاء اللجنة السويديون في الغالب قادرين على تذوق الشعر الإندونيسي مثلا أو الأدب الأفريقي، منتقدا في مقال سابق أن يكون أعضاء الأكاديمية قادرين على تحديد أعظم الروائيين والشعراء على الساحة الدولية، ومشيرا إلى انحيازهم للثقافة الإسكندنافية، حيث فاز 16 أديبا من أصول إسكندنافية بالجائزة العالمية من أصل 113 منذ إطلاقها وحتى عام 2016.
وينظر فيلدمان وباركس، وغيرهما من نقاد الجائزة، إلى تاريخ طويل مما يعتبرونها انحيازات سياسية وغير أدبية للجائزة العالمية. فمن عام 1901 إلى 1912 قيّمت اللجنة السويدية برئاسة كارل دافيد إف ورسين الجودة الأدبية للأعمال بالنظر إلى إسهامها في نضال الإنسانية "نحو المثل الأعلى" ومع ذلك لم يُمنح أدباء كبار مثل الروائي الروسي ليو تولستوي، والمسرحي النرويجي المثير للجدل هنريك إبسن، والروائي الأميركي الساخر مارك توين، الجائزة التي منحت في المقابل لأدباء ليسوا معروفين في عالمنا اليوم.