إيلاف من لندن: فيما يعتصم أنصار القوى العراقية الموالية لها حول المنطقة الخضراء وسط بغداد لليوم الرابع فقد دعت إيران القوى السياسية في العراق الى الاحتكام للدستور مؤكدة عدم تدخل في شؤون هذا البلد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني اليوم إن بلاده تتجنب التدخل في الشأن العراقي داعياً القوى السياسية العراقية الى الإسراع بتشكيل "حكومة شاملة والتمسك بالدستور العام للعراق".
وأشار المتحدث الإيراني خلال مؤتمر صحافي في طهران تابعته "إيلاف" الى أن "قضايا العراق مهمة لانه بلد جار لنا ونتابع تحولاته السياسية عن كثب".. مشدداً على القوى العراقية بضرورة العمل على "إرساء دعائم السلم والاستقرار في العراق".. مشيراً الى أن اتصالات حكومته مع نظيرتها العراقية مستمرة كما نقل عنه الإعلام الإيراني. وأضاف كنعاني أن "إيران تتجنب التدخل في الشأن العراقي" على الرغم من أنها طرف فاعل في الأزمة العراقية من خلال القوى العراقية المؤيدة لها والزيارات التي يقوم بها الى العراق باستمرار قائد فيلق القدس في الحرس الصوري الإيراني اسماعيل قا آني حيث يعقد اجتماعات مع القوى الاطار الشيعي لتوجيهها الى كيفية التصرف إزاء الأزمة الحالية ومواجهة خصومها في البلاد.
ناصر الكنعاني المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خلال مؤتمره الصحافي في طهران الاثنين 15 أغسطس 2022 (إعلام إيراني)
نصيحة!
واضاف كنعاني "بغض النظر عن التعليق على قضايا العراق الداخلية، ننصح جميع التيارات السياسية العراقية باحترام دستور البلاد باعتباره ميثاقا وطنيا، وكذلك حماية المؤسسات القانونية في هذا البلد، وأن تحقيق الاستقرار والهدوء في العراق يحصل بتوافق التيارات الداخلية في هذا البلد، وترجيح المصالح الوطنية على المصالح الفئوية، وإن الحاجة إلى الاهتمام بالمصالح الوطنية يمكن أن تعيد الاستقرار الى العراق".
وقال " نحن ننظر الى العراق كدولة واحدة، واستقرار هذا البلد مهم جدا بالنسبة لنا، وفي ضوء الاستقرار السياسي تتحقق التنمية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية على حد سواء، وستكون هناك إمكانية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران أكثر مما كانت عليه في الماضي، وسيتم تعزيز دور العراق الإقليمي.
وزاد قائلا "نقف مع كل الأشقاء العراقيين ونؤكد على اللجوء إلى القانون والدستور وإجراء الحوارات الداخلية وتجنب النظر إلى المصالح الحزبية والفئوية."
وبشأن محادثات الاتفاق النووي قال كنعناي أننا "في مرحلة متقدمة من المفاوضات والتوصل لاتفاق يرتبط بتحقيق مطالبنا".. موضحاً أن "هناك تطور نسبي في المفاوضات لكنه لا يحقق جميع مطالبنا وبانتظار رفع العقوبات". وأضاف "إذا احترمت مطالب إيران يمكن أن نشهد توقيعاً للاتفاق في وقت قريب".
تصاعد حدة الأزمة العراقية
ويأتي الموقف الإيراني هذا فيما تتصاعد حدة الأزمة السياسية العراقية حيث دعا التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر أنصاره مساء أمس السبت الى تظاهرة مليونية في ساحة التحرير وسط العاصمة السبت المقبل لتكون "مليونية الفرصة الاخيرة ولم يسبق لها مثيل في عدد المشاركين فيها".
وقال صالح محمد العراقي المتحدث باسم الصدر في بيان تابعته "إيلاف": "تقرر تحديد موعد المظاهرة المليونية في يوم السبت المقبل على أن يكون التجمّع في ساحة التحرير أولاً في الساعة الخامسة عصراً ثم المسير نحو ساحة الاحتفالات" في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
ودعا العراقيين كافة الى الخروج في تظاهرات سلمية مليونية "ضد الفساد والميليشيات والأحزاب الفاسدة المتسلطة" وذلك في أحدث تصعيد منذ 30 من الشهر الماضي حينما قرر أنصاره الاعتصام بمحيط البرلمان.
وأضاف "هذا ندائي الأخير، وقد أبرأت ذمّتي أمام ربّي وأبي وشعبي، بعد أن انقسم الاحتجاج إلى فسطاطين. صار لزامًا عليَّ أن أتحرّى أيّ الفسطاطين أكثر عددًا وأوسع تعاطفًا عند الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم" في اشارة الى اعتصامي أنصار التيار الصدري المطالبين بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وخصومهم من أنصار القوى العراقية الموالية لإيران ضمن الإطار التنسيقي الذين يدعون الى "احترام السلطة التشريعية والحفاظ على الدولة".
تطلع لحوار مع الصدر
وجاءت هذه التطورات فيما باشر زعيم ائتلاف الفتح ضمن الإطار الشيعي هادي العامري مباحثات مع القوى السياسية في محاولة لانهاء حالة الانسداد السياسي التي تعاني منها البلاد منذ انتخاباتها المبكرة في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
فقد أجرى العامري في أربيل أمس مباحثات مع القادة الأكراد بعد يوم من لقاء مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي القيادي في تحالف السيادة السني على اعتبار أن الجهة الكردية والأخرى السنية هما من حلفاء الصدر على أمل أن تقود هذه المباحثات إلى الشروع بحوار مماثل مع زعيم التيار الصدري الذي يلجأ حالياً الى الشارع لتأكيد مطاليبه في حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة تشرف عليها حكومة مؤقتة وهو ما أدى بخصمه الإطار الشيعي الى الدفع بأنصاره للاعتصام على أسوار المنطقة الخضراء وسط بغداد حيث يعتصم بداخلها الصدريون منذ 30 من الشهر الماضي.
يشار إلى أن العراق يعيش منذ أكثر من 10 أشهر شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات المبكرة ولم تفضِ مفاوضات تواصلت بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس لحكومة جديدة.
ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لإيران الإبقاء على الصيغة التوافقية.
وتصاعدت الأزمة الحالية أثر رفض التيار الصدري نهاية تموز/ يوليو الماضي مرشح الأطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني حيث يعتبره الصدر مرشح خصمه اللدود القيادي في الإطار رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.