«بوتين» كرر مراراً وتكراراً، بأنه لا يسعى إلى إعادة منظومة الاتحاد السوفييتي مرة أخرى للحياة لأن الزمن تخطاه، ولكن هذا لا يعني بالضرورة عدم تقوية نفوذها أمام الولايات المتحدة الأميركية التي تخوض معها حرباً باردة وصلت اليوم إلى درجة التجمد، ولكن يبدو أن هذا الجليد في طريقه إلى الذوبان أمام الأزمة الأوكرانية التي تزداد سخونة مع مرور الأيام. خاصة، وأن روسيا حشدت أكثر من مائة ألف جندي على مقربة من الحدود مع أوكرانيًا.
هل يمكن القول بأن رحلة عودة الابنة الأوكرانية بدأت لأمها روسيا؟ حذر الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، من أن «السياسة العدوانية» لروسيا تجاه جيرانها والغرب تهدد باندلاع حرب باردة جديدة.
وقال في حديث إلى صحيفة «تليغراف» البريطانية أن سلوك موسكو ودأبها لتوسيع مجال نفوذها يتطلب رداً من الناتو، مؤكداً في الوقت ذاته عدم رغبة الحلف الأطلسي في خوض حرب جديدة أو الدخول في سباق تسلح جديد.
هل معنى ذلك بأن «الناتو»، سوف يغض الطرف لو قامت روسيا بضم أوكرانيا إليها وفق عملية عسكرية خاطفة كما حدث لـ«القرم»، ويكون الحكم الفصل للأمر الواقع وممارسة روسيا لقوتها العظمى.
و في هذا الصدد صحيفة «ذا هيل» تنشر مقالًا عرجت فيه إلى الأسباب التي تدعو روسيا إلى استنفار جيشها على الحدود مع أوكرانيا، منها:
أن أوكرانيا ليست عضوًا بَعْد في الناتو، مما يعني أنها لن تستفيد من مبدأ الدفاع الجماعي الأساسي للحلف إذا انتُهكت سلامة الأراضي الأوكرانية.
و كذلك الأحداث الجارية تلعب لصالح بوتين، فأسعار الطاقة في أعلى مستوياتها الآن، كما أن بناء خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» الذي يربط روسيا بألمانيا قد اكتمل، وهو ما يتيح لموسكو التحكم في إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وهناك حركة «روسيا الجديدة»، وهي اتحاد كونفدرالي تشكّلَ بين إقليمي «لوغانسك» و«دونيتسك» الانفصاليين شرق أوكرانيا.
هذا في الوقت الذي يذهب العالم باتجاه التخلص من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فهل استفزاز الدب الروسي يخدم منظومة السلم العالمي؟!
لقد وضع العالم هذه الحالة بين يدي الآلة الأميركية وهو ما يرفع درجة الاستفزاز لدى روسيا.
ففي تقرير لصحيفة «ذا تايمز» البريطانية، بعنوان «هل يستطيع بايدن إيجاد توازن بين الردع والاستفزاز؟»، ورد بأنه يتعين على الرئيس الأميركي أن يجد التوازن بين ردع الطموحات التوسعية وبين أي إجراء يمكن أن يُرى بأنه استفزازي.
و ذلك لأن التهديد الروسي بغزو أوكرانيا، في حال حدوثه، ستكون له عواقب كارثية، وأيضاً إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا كإجراء وقائي لمنع أي هجوم روسي، سيكون عملاً استفزازياً، عواقبه قد لا تكون محسوبة ولا محسومة.
أوكرانيا.. عواقب غير محسوبة
مواضيع ذات صلة