إيلاف من القاهرة: مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، والتصعيد المتبادل بين الجانبين، يخيم شبح لجوء الحكومة الإسرائيلية إلى سيناريو الاجتياح البري لغزة، وسط تحذيرات من كلفته الباهظة لكافة الأطراف وانسداد الأزمة التي تحاول مصر إنهاءها والتوصل مع الفصائل الفلسطينية وتل أبيب إلى وقف عاجل لإطلاق النار خلال 48 ساعة، حسب مراقبون وخبراء.
وبحسب تقرير نشره موقع "سكاي نيوز عربية"، عزز التواجد المكثف للقوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة، وانتشار كبير للدبابات والمُدرعات قرب الحاجز الحدودي، تكهنات الخبراء بشأن تحضير إسرائيل لتوغل بري في غزة، لكن يبقى الغموض قائما بشأن طبيعة ذلك التوغل نظرا لحساباته المعقدة وتكلفته الباهظة، حال تنفيذه بنفس طرق التوغل السابقة لإسرائيل في غزة.
وأوضحت مصادر فلسطينية أن قادة إسرائيل يدركون أن الخسائر البشرية حال اجتياح غزة ستكون كبيرة، خصوصاً أن أسلحتها المتطورة عن بُعد تحقق هدفها باستنزاف قدرات الفصائل الفلسطينية أفضل من المواجهات المباشرة.
ولفتت المصادر إلى أهمية جهود مصر لتحقيق تهدئة والتوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق نار، ثم «تثبيت وقف إطلاق النار»، ومن ثم إجهاض أي اتجاه لشن اجتياح برى إسرائيلي، وقطع الطريق مبكرا على ذلك التصعيد الجنوني للموثق من جانب إسرائيل.
وقال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس والباحث في ملف الصراع «العربي – الإسرائيلي»، إن أي هجوم بري على غزة له ثمنه الفادح ولن يكون نزهة للقوات الإسرائيلية بأي حال.
ويوضح «الرقب»، في حديث لـ«سكاي نيوز عربية»، أن تحليل الحروب السابقة التي شنتها إسرائيل على غزة، تشير إلى تفضيلها الهجوم بسلاح الجو والمدفعية عن بعد، بدلا من الحرب البرية داخل القطاع بسبب الخسائر الباهظة خصوصا في الأفراد خلال المواجهات المباشرة.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية حشد إسرائيل قواتها على حدود غزة بمثابة «ورقة ضغط قوية» ستسعى لاستغلالها في المفاوضات الدائرة حاليا مع الوسطاء العرب والدوليين، حيث تبذل مصر جهودا كبيرة من أجل التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، سواء عبر الوفد الأمني والدبلوماسي الذي يجري مباحثات مع الجانبين، أو جهود القاهرة مع المجتمع الدولي، حقناً للدماء وحفاظاً على الشعب الفلسطيني.
وعن الخسائر الإسرائيلية المتوقعة حال الاجتياح البري لغزة، توقع «الرقب»، أن "تطال المعدات والآليات الإسرائيلية نتيجة صمود المقاومة وتطور قدراتها خصوصا الأنفاق التي مازالت تسيطر على كثير منها، بالإضافة إلى الخسائر البشرية للقوات الإسرائيلية."
ولإسرائيل تاريخ طويل في محاولات اقتحام غزة، وهو ما رصده مركز الدراسات والأبحاث الأمريكي «راند»، في دراسة له، تناولت العملية العسكرية «عمود الدفاع» في نوفمبر 2012، وحشدت إسرائيل فيها 57 ألف جندي، لكن لم تنفذ غزوا بريا بسبب تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار برعاية مصرية.
ورصد مركز الأبحاث الأمريكي، في دراسته التي حملت عنوان «دروس من حروب إسرائيل في غزة»، عملية «الجرف الصامد»، التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2014، بداية بعملية جوية، ثم مواجهات برية، وشهدت التصادم مع مقاومة فلسطينية شرسة في عدة مناطق، لتنسحب إسرائيل بعد أسبوعين، ثم لجأت إلى اتفاق لوقف إطلاق نار، للتغطية على ضربات جوية وإطلاق صواريخ في وقت لاحق، بحسب موقع "سكاي نيوز عربية".
ولفت مركز الأبحاث الأمريكي، إلى أن الخسائر الإسرائيلية في «الجرف الصامد» شملت 72 قتيلا، وخسائر مباشرة في البنية التحتية والممتلكات الخاصة بقيمة 55 مليون دولار، وخسائر غير مباشرة بقيمة 443 مليون دولار بسبب تعطل الاقتصاد، حسب تقديرات مصلحة الضرائب الإسرائيلية.