الرباط: بعد صدور بيان الديوان الملكي أمس الأربعاء، والذي أعلن عن إعفـاء العاهل المغربي الملك محمد السادس لعبد الاله ابن كيران من مهمة تشكيل الحكومة، وتكليف شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية بذلك، تباينت القراءات حول هذا المستجد، خاصة بعد وضعية الجمود التي عاشها التشكيل الحكومي في المغرب.
إعفاء ابن كيران كان منتظرا
أكد ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية في اتصال مع"إيلاف المغرب" أن إعفاء الملك محمد السادس لابن كيران من تشكيل الحكومة كان منتظرا، خصوصا بعد بيانات الأحزاب المغربية: التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري ، والتي أكدت أنه لا أمل في أي تشكيل حكومي مع ابن كيران ، وهو الوضع الذي كان سيؤدي لأزمة سياسية حقيقية، كما أن تشكيل الحكومة المغربية المقبلة سيكون صعبا في هذه الحالة.
و حول المعوقات التي أعاقت تشكيل الحكومة من دون أن تكون هناك أزمة في حدوث هذا الأمر، قال بلقاضي إن ما ساهم في إذكاء الأزمة هو ارتكاب ابن كيران أخطاء تواصلية، حينما أشار لبعض رموز النظام السياسي المغربي، فالإعفاء جاء وفق المنهجية الديمقراطية والفصل 47 من الدستور، وهو الذي يفيد أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الأول، ويمكن كذلك أن يعين شخصية أخرى من ذات الحزب.
دستوريا، لا يوجد ما ينص على أن رئيس الحكومة ينبغي أن يكون هو الأمين العام للحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية.
تصدع العدالة والتنمية
وبخصوص تداعيات القرار الملكي على الجبهة الداخلية لحزب العدالة والتنمية، أكد بلقاضي لـ"إيلاف المغرب" أن الحزب سيعرف تصدعا داخليا، وبالتالي سينقسم إلى اتجاهين: إما أن يقوم القيادي في الحزب عزيز الرباح بقيادة الحكومة، أو أن يرفض العدالة التنمية الدخول في الحكومة المرتقبة. وبالنظر لحكمة وتبصر ابن كيران ، فمن الأرجح أنه سيغلّب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب.
ويرى بلقاضي أن عملية تشكيل الحكومة لن تكون سهلة، خاصة حينما يصل الأمر لمحطة التصدعات والحقائب الوزارية، مشيرا الى أن العدالة والتنمية أضحى امام خيارين: إما البقاء ضمن الأغلبية أو الذهاب للمعارضة، وإذا ما اختار النهج الثاني، فلن يكون بمقدور مجموعة أخنوش تشكيل الحكومة، وبالتالي يصبح من الضروري عليها أن تتحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة.
فراغ مؤسساتي
وعن سبب تأجيل الملك لقرار تعيين الشخصية البديلة لابن كيران مباشرة بعد إعفائه، أوضح بلقاضي أن الملك احترم المنهجية الديمقراطية، وأعطى لرئيس الحكومة ابن كيران الوقت الكافي لتشكيلها.وانه بعد مرور5 أشهر لا يمكن للملك أن يترك البلاد تعيش فراغا مؤسساتيا، وجاء القرار المناسب من خلال بيان الديوان الملكي، خاصة أن ابن كيران لن يشكل الحكومة ولو امتد به الوقت لأكثر من سنة من الزمن"، يؤكد المحلل السياسي.
وحول الشخصية المقترحة لتعوض ابن كيران في رئاسة الحكومة وتشكيلها لاحقا، اعتبر بلقاضي أنها ستكون شخصية من العدالة والتنمية، أكثر مرونة وتبصرا، متسائلا ما إذا كان بإمكانه أن يقبل بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعلى أية أسس.
كما أضاف ، في السياق ذاته، أن الاختيار يظل محصورا بين 3 شخصيات أساسية، مصطفى الرميد، وزير العدل المغربي في الحكومة المنتهية ولايتها، والذي أعلن أنه لن يكون بن عرفة،(الذي عينه الاستعمار الفرنسي ملكا على البلاد بدل الملك الشرعي محمد الخامس الذي نفي الى مدغشقر وكورسيكا ) لينحصر الصراع بين كل من سعد الدين العثماني وعزيز الرباح عن الحزب نفسه،"المشكل ليس في القيادة بل في القاعدة، ويظل التساؤل حول المسار الذي سينهجه حزب العدالة والتنمية هل بالذهاب للحكومة أم الاصطفاف إلى جانب المعارضة"، يؤكد المحلل السياسي.
محددات تشكيل الحكومة
اعتبر عبد اللطيف وهبي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة في اتصال مع"إيلاف المغرب" أن القرار الملكي بإعفاء ابن كيران من مهامه كرئيس للحكومة، يندرج في إطار مقتضيات الفصل 47 من الدستور، والذي ينص أن الأولوية في تشكيل الحكومة تمنح للحزب الأول.
وقال وهبي "صحيح أن الشخص الموكول له بتشكيل الحكومة قد تغير لكن تم الاحتفاظ بالحزب الذي ستناط به رئاسة الحكومة، كما اعتمد على الفصل 42 والذي يمنح له سلطة ضمان حسن سير المؤسسات الدستورية".
وحول تشكيل الحكومة المقبلة في ظروف مغايرة لما حصل في المشاورات السابقة التي كان يقودها ابن كيران ، أفاد وهبي أن المسألة تعتمد بالأساس على كيفية اختيار الشخصية التي ستعوضه، وكذا هل سيتم الاحتفاظ بنفس الشروط التي كانت تدار بها المشاورات السابقة، وهي كلها عناصر تؤثر في المدة الزمنية التي سيستغرقها التشكيل الحكومي.
هدر زمني
في سياق متصل، أفاد محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في اتصال مع "إيلاف المغرب" أن إعفاء الملك لابن كيران ناتج عن الهدر الزمني الذي سقط فيه رئيس الحكومة المعين، واستيفائه للوقت المعقول في تشكيلها، خاصة أن الملك ذكره في أكثر من مناسبة بضرورة الإسراع بهذه المهمة.كما اعتبر بوخبزة أن الأمر لا يخلو من تداعيات تهم الحزب المعني، والتي تتمحور حول طبيعة الحزب، والتساؤل حول ما إذا كان حزب شخص أم مؤسسة، مضيفا أن قرار الإعفاء الملكي يضع "العدالة والتنمية" أمام محك حقيقي، فيما يخص تكرار مقولة أن الحزب وجد من أجل خدمة المصالح العليا للوطن.
و أضاف بوخبزة أن سبب تأجيل الملك لتعيين شخصية بديلة لابن كيران يعود لفتح المجال أمام "العدالة والتنمية" للتشاور واستيعاب الوضع الجديد، إضافة إلى قراءته بشكل جيد لكي يتم اتخاذ القرارات بشكل معقلن.