الرباط: قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف ، انه لم يسمع يوما دولة مثل فرنسا أو بريطانيا تعقد تجمعات تتساءل فيها عن لغتها هل توظفها أم لا.
وأضاف ابن كيران، في كلمة ألقاها مساء اليوم الجمعة، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الرابع للغة العربية، الذي ينظمه الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، تحت شعار "اللغة العربية لغة الهوية والمعرفة والتواصل"، ان عقد هذا المؤتمر يدل على أن هناك خللا ومشكلا تواجهه اللغة الرسمية للبلاد.
وذكر ابن كيران أن المغرب أمة لغته الرسمية العربية والأمازيغية، معتبرا أن الوضع الحالي "يدل على أن هناك شيء غير طبيعي".
وهاجم ابن كيران خصوم اللغة العربية من أنصار الدارجة والفرنكفونية، معتبرا أن هؤلاء "يريدون تقطيع أوصال الأمة بدعوة اعتماد الدارجة في عدد من الدول العربية"، مشددا على أن هذه الدعوات لن تنجح لأن "اللغة العربية هي صلة وصل بين الأمة والدين"، قبل أن يضيف "هذه الأمة لن تتخلى عن دينها سواء كانت تتكلم العربية أم لا".
وشدد رئيس الحكومة المكلف، على أن اللغة العربية جزء أساسي من الهوية المغربية، مذكرا بقولة الملك الراحل الحسن الثاني الذي أوصى بالحفاظ والتمسك بالهوية، موضحا أن "لا مستقبل لأي أمة إن هي فرطت في هذه الأسس، واللغة العربية هي قضية كبيرة وأساسية من بينها"، وأردف ابن كيران قائلا "إذا تخلينا عن العربية نكون قد تخلينا عن حقيقتنا"، موضحا أن الدفاع عنها "واجب شرعي لأنها جزء أساسي من هويتنا".
من جهته، دعا فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، لفتح حوار وطني شامل من أجل الهوية المشتركة بين مختلف الفرقاء الهوياتيين بالمغرب من أجل الخروج بميثاق وطني حول اللغة والهوية بعيدا عما سماها "صراعات السياسية وتجاذبات الأيديولوجيا وسواليف المناصب".
وأكد بوعلي، في كلمة ترحيبية بالحضور، أن اختيار موضوع المؤتمر يأتي انطلاقا من الوعي بأهمية الإعلام في بناء السلوك اللغوي والاجتماعي والسياسي للإنسان والرفع من جودة النقاش العمومي وقيمته، مسجلا أن الائتلاف يستشعر أهمية اللحظة التاريخية في مسار االنقاش اللغوي بالمغرب، في إشارة إلى النقاش الدائر حول اللغة ودعوات اعتماد العامية في التدريس بدلا من العربية.
وأضاف بوعلي قائلاً: "نريد أن تكون هذه المحطة فاصلة بين زمنين زمن المنافسة والدفاع عن الهوية الوطنية بكل قيمها وتراكماتها وتجاذباتها وزمن التأسيس لمقاربة مندمجة تؤمن بالتعدى في ظل الوحدة والخصوصية في كنف العمق الحضاري المغربي" ، مشددا على أن الائتلاف "يحلم بمغرب مختلف، وهوية متجددة موحدة وخطاب واحد موحد بعيدا عن التصنيفات الأيديولوجية والقوالب المنمطة".
وأجمع عدد من المتدخلين في الجلسة اافتتاحية على أن الوضع الذي تعيشه اللغة العربية بالمغرب غير طبيعي، من ضمنهم أمين الصبيحي، وزير الثقافة المغربي، ومحمد بن عثمان التويجري المدير العام لمنظمة الإيسيسكو للعلوم والثقافة، الذين طالبوا بتصحيح الوضع الذي تعيشه اللغة العربية، وشددوا على أهمية تكثيف الجهود والمبادرات المدنية والمجتمعية لتحقيق هذا الهدف.
وحضر الجلسة عدد من رجال الإعلام والثقافة والسياسة بالبلاد، من أبرزهم سعد الدين العثماني، وزير الخارجية السابق، ومولاي اسماعيل العلوي، الوزير السابق والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية ومحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، وعبد القادر الفاسي الفهري، اللساني واللغوي، ومحمد بلبشير الحسني، مؤسس شعبة الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية، بالإضافة إلى الناقد سعيد بنكراد والأديب والكاتب مبارك ربيع، والإعلامي الصديق معنينو، ورئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، عبد الله البقالي، وعدد من المفكرين والعلماء.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين موضوع اللغة العربية والإعلام: الواقع والرهانات، حيث ستنظم أربع جلسات علمية تتناول عدة محاور مختلفة في الموضوع يساهم في تأطيرها مجموعة من الأساتذة الباحثين والأكاديميين المختصين في اللغة والإعلام، كما ينتظر أن يشهد المؤتمر عقد جلسة ختامية سيجري الإعلان فيها عن "عهد الصحافة الوطنية".