إيلاف من الرباط: كما كان متوقعا، صادق مجلس النواب (الغرفة الأولى) بالبرلمان المغربي، مساء اليوم الأربعاء، بالإجماع على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وبروتوكول التعديلات الملحق به، معبدا بذلك الطريق أمام عودة المغرب للمنظمة الإفريقية بعد غياب دام لأزيد من ثلاثة عقود.
وأجمع رؤساء الفرق البرلمانية بالمجلس في مداخلاتهم على تثمينهم للجهود التي بدلتها الدبلوماسية المغربية تحت إشراف وقيادة الملك محمد السادس، معتبرين أن عودة المغرب لأسرته الإفريقية يمثل لحظة تاريخية وخطوة شجاعة تقطع مع سياسة الكرسي الشاغر.
وقال سعد الدين العثماني، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية ، إن عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية الإفريقية مبادرة "شجاعة تستحق التنويه، وستمكن من إطلاق دينامية فعالة داخل الأسرة الإفريقية والدفاع عن قضايا القارة من الداخل من أجل تقويم الاختلالات وتجاوز الانقسامات بفضل ريادة المغرب وحنكته وتجاربه في شتى المجالات".
وأضاف العثماني، في كلمة باسم الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية خلال مناقشة مشروع القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وبروتوكول التعديلات الملحق به، أن البرلمان يعيش لحظة "استثنائية بكل المقاييس لاعتبارات متعددة يتصدرها التحام الجميع من أجل المصلحة العليا للبلاد التي جعلت من هذه الجلسة، وهي الأولى في هذه الولاية التشريعية العاشرة، لحظة تعلو فيها المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الشخصية والحزبية والمصالح الذاتية"، منوها بما سماه "الانخراط الفاعل والتجاوب اللامشروط وتغليب صوت الحكمة والعمل الفاعل للإسهام في إنجاح مبادرة استعادة مكانة المغرب داخل الاتحاد الإفريقي".
وأشار العثماني إلى أن حزب العدالة والتنمية اختار التعامل مع المرحلة بـ"أفق وطني توافقي، على الرغم من الظروف السياسية الداخلية، وأن تحمل مسؤوليتنا في هذا المجال"، وذلك في إشارة منه إلى العراقيل التي تواجه رئيس الحكومة المعين وأمين عام حزبه، عبد الإله ابن كيران، في سعيه وراء تشكيل الحكومة.
وسجل رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، أن ما سماها محاولات "العرقلة التي يقوم بها خصوم الوحدة الوطنية والترابية"، تعد دليلا على أن "هذا القرار صائب ويسير في الاتجاه الصحيح"، مؤكدا أن قرار الانسحاب سنة 1984 "كان صائبا، وقرار العودة اليوم صائب أيضا بسبب تغير ظروف إفريقيا السياسية، وتطور مواقفها من الكيان الانفصالي"، كما أعرب عن اعتراضه لتوصيف قرار العودة بتصحيح خطأ الانسحاب من المنظمة "الخطوة ليست تصحيحا لخطأ".
من جهته، أكد عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، على ضرورة استمرار الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد، مشددا على ضرورة القطع بشكل نهائي مع سياسة " الكرسي الفارغ أينما كان وكيف ما كان"، لافتا أن هذه القطيعة ينبغي أن تتم بـ"شجاعة وجرأة، وأن ندافع عن وطننا لأننا نحن الذين نملك الشرعية ونحن الأقوياء ونملك الوسائل القانونية والسياسية والتاريخية لنكون منتصرين في صراعاتنا السياسية مع خصوم الوحدة الترابية".
وأضاف وهبي، في كلمة باسم الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة، أن المغرب سيعود لمنظمة الاتحاد الإفريقي "مرفوع الرأس لأن وراءه 40 دولة تدعمه في قراره وكذلك الشرعية القانونية والتاريخية"، مشيرا إلى أهمية التعامل مع النص القانوني وخوض معركة ضد الخصوم، مشددا على أن المعركة الأولى التي ينبغي خوضها هي المطالبة بـ"محاسبة من يرتكبون جرائم ضد الإنسانية ويسيئون لمواطنين مغاربة محتجزين في تندوف"، مؤكدا أن جبهة البوليساريو "لا تملك أرضا ولا شعبا ووجودهم داخل المنظمة يخل بالقانون الدولي"، حسب تعبيره.
كما تطرقت مداخلات رؤساء الفرق البرلمانية والمجموعات الأخرى، إلى الحديث عن أهمية عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، مشددين على ضرورة اليقظة والتعبئة لمواجهة التحديات التي يمكن أن يواجهها المغرب في معركته الدبلوماسية بعد عودته للاتحاد الإفريقي، منوهين بالمقاربة التي اعتمدها المغرب في تدبير هذا لملف، كما أعلنوا مساندتهم لكل المبادرات الملكية الرامية لإعادة المغرب بشكل قوي إلى الساحة الإفريقية.
ومن المتوقع أن يتدارس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) غدا الخميس، مشروع التأسيسي للاتحاد الإفريقي وبروتوكول التعديلات الملحق به، ويصادق عليه، قبل أن يستوفي جميع الشروط والخطوات القانونية، ليصبح جاهزا للنشر في الجريدة الرسمية بعد غد الجمعة.
وتأتي الخطوات المتسارعة للبرلمان المغربي بغرفتيه، استجابة للدعوة التي وجهها الملك محمد السادس، إلى تسريع عملية المصادقة على القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي بالبرلمان، لاستكمال مسطرة انضمام المغرب للاتحاد، قبل موعد انعقاد قمة الاتحاد بداية الأسبوع المقبل، وذلك عقب المجلس الوزاري الذي ترأسه بمراكش، الأسبوع الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يسعى جاهدا للعودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي بقيادة الملك محمد السادس، بعد انسحابه منها عام 1984 احتجاجا على قبول عضوية "الجمهورية الصحراوية" التي أعلنتها جبهة البوليساريو الانفصالية من جانب واحد عام 1976 بدعم من الجزائر وليبيا.