: آخر تحديث
حذروا من فوز الحزب الإسلامي بولاية حكومية ثانية

باحثون مغاربة يتَهمون "العدالة والتنمية" باستغلال الإسلام

341
389
314

إيلاف من الرباط: حذر مشاركون في ندوة نظمت ليلة أمس الاثنين في الرباط، تحت شعار: " أسئلة الدين والسياسة: في الدولة المدنية" ناقشت موضوع الدين والسياسة انطلاقاً من مقاربات فكرية وتجارب دولية استحضرت امتدادات التيارات الإسلامية في المغرب وعلاقتها بالسلطة ونظام الحكم به، خصوصا تجربة حزب "العدالة والتنمية" المغربي متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، وجناحه الدعوي حركة "التوحيد والإصلاح" وجماعة "العدل والإحسان"، من تقلد حزب ابن كيران ذي المرجعية الاسلامية لمقاليد الحكومة لولاية ثانية.

الإسلام السياسي تهديد للديمقراطية والدولة المدنية الحديثة

وأكد الباحث المغربي سعيد لكحل، المتخصص في الجماعات الإسلامية، في مداخلة عنونها "الإسلام السياسي تهديد للديمقراطية والدولة المدنية"، انه في حالة تقلد "العدالة والتنمية" مقاليد الحكومة بعد انتخابات 7 أكتوبر المقبل ستكون كارثة على كل الحداثيين والديمقراطيين، مبرزاً أن "الإسلام السياسي بالمغرب هو تهديد للديمقراطية والدولة المدنية الحديثة"، معتبراً أن الدولة التي ضحَى من أجلها المغاربة "الآن مهددة من طرف مستغلي الدين في السياسة". 

وكمثال على ذلك يقول لكحل: "حركة التوحيد والإصلاح لها تكتيك واضح المعالم يهدف في البداية إلى التغلغل في المجتمع المغربي إلى حين قلب التوازنات لصالحها لتمرير تصورها للدولة الاسلامية " لأنهم، بحسب تعبيره، دائماً "يؤمنون بأن مفهوم الدولة هو الدولة الدينية ويرفضون قوانين الدولة التي يعتبرونها قوانين علمية وكافرة وتخالف شرع الله".

وذكَر لكحل بموقف حزب "العدالة والتنمية" خلال مرحلة صياغة دستور 2011، حيث "هدد إخوان ابن كيران أنه في حالة عدم تنصيص الدستور على إسلامية الدولة وإلغاء القوانين التي تتعارض مع التشريعات الاسلامية، سينزلون إلى الشارع"، معتبرا أن هذا الموقف ليس بجديد بل سبق أن "هدد الحزب الدولة خلال مرحلة خطة إدماج المرأة"، وذلك بسبب "رفض الحركات الإسلامية كل القوانين التي تؤمن بالمساواة بين المرأة والرجل".

وعن علاقة الدين بالسياسة، اعتبر الباحث في الحركات الإسلامية أن "هذه الأخيرة تأسست على أساس إقامة دولة الخلافة وإلغاء باقي النظم، بما فيها المؤسسة الملكية". وشدَد لكحل على ان "التنظيمات الإسلامية في المغرب تعتبر أن الولاء لا يكون للوطن بقدر ما يكون للجماعة التي تمثل الإسلام"، بحسب تعبيره.

ودعا لكحل المغاربة للتسجيل في اللوائح الانتخابية ثم التصويت، وكذا تشاور الأحزاب في ما بينها ووضع خطة، لمواجهة مد التيارات الاسلامية.

وأضاف لكحل أن هذه التيارات جاءت "لتقيم دولة الخلافة ورفض الدولة الديمقراطية، واقامة نظام إسلامي بدل ديمقراطي، كما جاؤوا لتطبيق الشريعة الإسلامية وليس الشريعة المدنية، ويريدون الشورى ولا يريدون الديمقراطية، تيارات تؤمن بالموالاة للمؤمنين وليس للمواطنين"، على حد تعبيره.

وذكر لكحل، أن خطابات هذه التيارات، "مررت من خلال المؤسسات الدينية الرسمية التي التحقت بدورها للأسف بركب الأسلمة".

مخاطر تتربص بالوطن 

وحذَر لكحل، الذي خلص إلى وجود مخاطر تتربَص الوطن، من "استغلال الجماعات الإسلامية للمخزون الديني والوجداني عند المغاربة"، وما يعزز هذه الفرضية في نظره هو "أن المجتمع المغربي لديه تصور مغلوط للدولة الدينية كما كانت قديماً". موضحاً أن "المغاربة لو أجري تصويت سيصوتون لدولة الخلافة لأنهم يعتقدون أن الأمر يقف عند حالة عمر بن الخطاب المتنقل بين الأسواق الذي يقيم العدل"، ولكن الأمر يتعدى هذه المرحلة بحسب رأيه .

في سياق متصل، قال لحسن رحو الجيراري، الأستاذ في كلية الحقوق في الرباط، إن منظومة التدين هي أمُ المشاكل في جميع المجالات سواءٌ السياسية أو الاقتصادية أو القانونية أو غيرها، مضيفاً أن الفقه ليس علماً والدين ليس فيه علم بل هو معارف، ورجال الدين والفقهاء والمفتون بدعة، فلا وجود للمفتي، والقرآن الكريم منع الرسول صلى الله عليه وسلم، عن الفتوى، وهنا يمكن الاستشهاد بقوله تعالى "يستفتونك في الكلالة قل الله مفتيكم".

وأوضح الجيراري، الذي قدم عرضا تحت عنوان: " الدولة المدنية المنشودة : بين ثقافة الحلول الدينية الجاهزة، ومنظومة القيم الحداثية " أنه ومن منطلق تاريخي كل الأنظمة السيئة كانت متسلطة إما بتلبيس الدين للسياسة أو جعل السلطة تشتغل بآلية كهنوتية بما في ذلك ما يسمى "دولة الخلافة".

دولة الخلافة.. وأصل المشكل 

وأكد الحي اري أن أصل المشكل هو دولة الخلافة، فالذين أنشأوا دولة الخلافة هم المجتمعون في الكنيسة فأبدعوا نظام هذا الحكم، مشيرا إلى أن الخلاف بين الشيعة والسنة هو اختلاف سياسي قبل أن يكون فقهيا وهي أم الخلائف".

وأضاف الجيراري قائلا: "إننا نجد في موروثنا الثقافي، منظومة التدين تقدم الحلول لكل شيء، واليوم إذا كانت هذه المنظومة تقدم حلولا لكل شيء فإن كل المشاكل أساسها هذه المنظومة التي أنشأها المسلمون ولا علاقة لها بالإسلام، فالهدف الأساسي الذي جاء به الإسلام لم يتحقق إلى اليوم".

واعتبر الجيراري أنه يصعب الحديث عن إصلاح الدين، وأقصى ما يمكن إصلاحه هو منظومة التدين، ولا يمكن مفاوضة متدين .

الاسلام السياسي تحايل على مفهوم الأمة 

من جانبه، قال محمد المعزوز عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أنه تم التحايل على مفهوم الأمة من طرف الإسلام السياسي، لتفويت مضامين وأفكار لا تمت بأي صلة لتأصيل الأمة كمفهوم أصلي، مشيراً إلى أن النقاش الذي دار في المجتمع، تمحور حول "هل الأمة تعني الوحدة الدينية التي تقوم عليها أسس الخلافة الإسلامية"، مضيفاً أن هناك نقاشا فقهيا وفلسفيا حاول أن يقيم هذه الفوارق، فالأمة مفهوم يتجاوز المفهوم الضيق للدين.

من جهة أخرى، قال المعزوز إن الخلاف بين الشيعة والسنة أصله سياسي، موضحا أن الفتوى، في نظر الشيعة مرسوم ديني وواجب مرتبط بما هو سياسي وديني، وفي السنة مرتبطة بالدين وبالسياسة بالإيجاب.

وأردف المتحدث ذاته أن هناك فرقا بين المفتي والإمام والفقيه والشيخ، "فعلاقة الفتوى نلاحظها انطلاقا من مثال التظاهرات التي خرج فيها المصريون لإسقاط الرئيس حسنى مبارك، حيث جاء شيخ الأزهر للقول إن مبارك يجرم وجود الشباب في التظاهرات لأنها خروج عن الدين، لنجد بعد ذلك نفس المفتي يناقض الفتوى لما عزل مرسي بقوله، إن المعارضة للسلطة السياسية لولي الأمر مباحة شرعاً، وأن العنف والخروج المسلح على الحاكم معصية كبيرة وليس تناقضا . فالخلافة السياسية تتحكم في الفتوى"، يقول المعزوز.

قناعات وممارسة المغاربة للتدين غير متجانسة 

وخلص المتدخلون في الندوة التي سيَرها الاعلاميُ المغربي يونس مجاهد إلى أن المجتمع المغربي لم يعرف يوما، أي تبرم من مرجعيته الدينية، أو انفصال عن أصولها وقواعدها، مشيرا الى ان التيارات المتجاذبة آراؤُها ومواقفُها لا تخرج عن سياق محاولة الإجابة عن سؤال إعادة النظر في الأدوار التي يمكن للتدين أن يضطلع بها، تجاه الحاجات المادية للمجتمع، وإكراهات ومشاكل أداء مؤسسات الدولة، وإمكانات بلوغ غايات التنمية والدمقرطة والتحديث.

ورصد المشاركون في الندوة أن مختلف الأبحاث والدراسات أثبتت أن قناعات وممارسة المغاربة للتديُن ليست متجانسة، فهي تختلف، طقوساً وتعبيراً وقناعةً، كما تختلف بين العديد من المناطق المشكلة للمغرب.

وذكر المشاركون أنه إذا كانت أنماط التدين متعددة، فإن انتشار مظاهر الإسلام السياسي اليوم، بتنظيماته وأذرعه، وانتشار النزعات الدينية المتطرفة، تطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بواقع الانحرافات التي باتت تخترق الحقل الديني في المغرب، سواء في علاقته بالمؤسسات الحزبية أو بمؤسسات الدولة.

وشدد المتدخلون على أن "التدين في المغرب عرف عدة انحرافات، من حيث تمثيل قيم الدين واستيعاب تحولات المجتمع، وإخضاع المقاصد والأحكام الشرعية للاستخدام المصلحي اجتماعياً وسياسياً، واستيراد نماذج الغلو والتطرف من تجارب دولية فاشلة، واستخدام أساليب الترهيب في المواجهات الفكرية والسياسية على أرض الواقع".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار