: آخر تحديث

"أردت إعطاء طفلي لشخص قد يعتني به بشكل أفضل"

22
22
19
مواضيع ذات صلة


يُظهر اكتشاف جثة طفل حديث الولادة تُركت خلف مدرسة في العاصمة الناميبية ويندهوك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي أن تغيير القانون لم يكن كافيا لحل المشكلة.

فقد أصدرت ناميبيا في عام 2019 تشريعا ينص على أن النساء اللواتي اتخذن خطوة جذرية بالتخلي عن أطفالهن، بدافع اليأس، لن يتم مقاضاتهن.

"أخدر أطفالي الجياع لمساعدتهم على النوم"

في لبنان: أب يرهن سيارة في مستشفى ليتسلم جثة ابنه الرضيع

وتم إنشاء أماكن آمنة يمكن ترك الرضيع فيها، ولكن لم يتوفر بعد في ناميبيا الوعي الكافي بالتغييرات القانونية الأخيرة.

قبل عامين، استخدمت ليندا وهو ليس اسمها الحقيقي، أحد هذه الأماكن لترك طفلها.

ليندا تبكي عندما تتحدث عن الطفل الذي كان عليها أن تتخلى عنه.

تقول ليندا بصوت منخفض: "لم يكن قرارا سهلا، كأم تحمل طفلا لمدة تسعة أشهر ثم تتخلى عنه، لكنني فعلت ذلك بسبب الموقف الذي كنت فيه". هي تتحدث عن عدم قدرتها على تحمل نفقات طفل آخر.

تشترك ليندا في منزل صغير مع أطفالها الآخرين وصديقها في منطقة عشوائية بالقرب من بلدة سواكوبموند الساحلية.

وهي تجد أحيانا صعوبة في تحمل تكلفة وجبة، وتقول إن أطفالها الأربعة يفهمون أنه إذا "لم يكن لدى أمي شيء اليوم، فذلك يعني أننا لن نأكل".

وتضيفقائلة : "لكن بالنسبة للمولود الخامس، إذا لم يكن هناك وجبة، فهو لن يفهم شيئا، لذلك فكرت فقط في أنني يجب أن أعطي هذا الطفل لشخصما قد يعتني به بشكل أفضل".

الآلاف يعرضون تبنّي الرضيعة التي ولدت وسط ركام الزلزال

منظمة إنقاذ الطفولة: أكثر من 330 طفلا قتلوا أو أصيبوا في اليمن هذا العام

وتشعر ليندا بالندم، لكنها تعتقد أنها بذلت قصارى جهدها من أجل طفلها في ذلك الوقت.

وتقول:"أنا أفتقده، أفتقد طفلي لأنني أرضعته لمدة ثلاثة أيام، لكنني أعلم أنه بخير، إنه مع الأشخاص المناسبين".

"عزيزتي الأم"

سبب معرفتها بأنه سيتم الاعتناء بطفلها هو أنها تركته في ما يسمى صندوق إنقاذ الرضيع، وهو درج مدمج في جدار بمجمع في سواكوبموند به مرتبة وبطانية بالداخل. هناك أيضا رسالة.

قصة الناجية الوحيدة من مذبحة حضانة تايلاند

بعد وفاة الطفلة بسملة مغردون يتساءلون عن سبل حماية أطفال مصر من العنف؟

وتقول الرسالة المطمئنة: "عزيزتي الأم ..أرجو أن تعلمي أننا لا نحكم عليك، ونحاول فهم الظروف التي أتت بك إلى هنا".

الرسالة من مؤسسة رواش ألوهيم، التي أنشأتها رونيل بيترز وزوجها ديك في سواكوبموند لتكون ملاذا للأطفال.

وتقول بيترز وهي تحتضن طفلا صغيرا: "لقد استقبلنا هذا الصغير بالأمس فقط، وعمره أربعة أيام، وللأسف كنا مشغولين للغاية ولم نقم بتسميته حتى الآن".

تأمل رونيل بيترز أن يعرف المزيد من الناس عن الأماكن الآمنة لترك طفل
BBC
تأمل رونيل بيترز أن يعرف المزيد من الناس عن الأماكن الآمنة لترك طفل

وقد أطلقت مؤسستها مبادرة صندوق إنقاذ الرضيع، وهناك مشاريع مماثلة في أماكن أخرى من العالم.

وهذا الصندوق، هو الأول والوحيد من نوعه في ناميبيا، هو إحدى الطرق التي يمكن للأمهات من خلالها إحضار أطفالهن، وعادة ما يكونون حديثي الولادة، وتركهم في مكان آمن حيث يمكن العثور عليهم والاعتناء بهم.

كان الصندوق موجودا بالفعل قبل تغيير القانون، لكن بيترز تأمل في إنشاء المزيد، في أماكن أخرى من البلاد.

"الروس يغسلون أدمغة أطفالنا"

صور ومشاهد من داخل دار أيتام في أوكرانيا تكافح من أجل البقاء

مغربيون وعرب ينعون الطفل "الشاف" عمر عرشان سفير اليونيسف

وفي أي وقت يُترك فيه طفل في الصندوق، تتلقى بيترز وفريقها المكون من سبعة أفراد إشعارا على هواتفهم ويذهب شخص ما لاصطحاب الرضيع. ويكون أمام الأم 30 يوما للمطالبة باستعادة طفلها إذا غيرت رأيها.

وتوضح بيترز قائلة: "إذا انقضت فترة الثلاثين يوما ولم تعد الأم، فإننا نفترض أنها راضية بالقرار الذي اتخذته، ويمكن حينئذ تسجيل هذا الطفل للتبني في ناميبيا".

ويوجد داخل المنزل لوحة على الحائط عليها صور للرُضع والتواريخ التي جاء فيها كل منهم. نيكولاي، وميراكل، وغابرييل وجوشوا هم فقط عدد قليل من الأسماء في حائط الصور.

تم بناء صندوق إنقاذ الرضيع في جدار في مجمع في سواكوبموند
BBC
تم بناء صندوق إنقاذ الرضيع في جدار في مجمع في سواكوبموند

ويُعد صندوق إنقاذ الرضيع هو أحد طرق وصول الأطفال للدار، ومنذ إنشائه قبل أكثر من أربع سنوات بقليل، تُرك 10 أطفال هناك.

لكن على الرغم من تغيير القانون، هناك من يستمر في التخلي عن الأطفال في أماكن غير آمنة.

قصة الطفل الذي قُتل على يد امرأة حاولت تبنيه

كيف ارتكب طفل عمره 4 أعوام حادثا بسيارة والدته؟

ووفقا لإحصاءات الشرطة فإنه بين عامي 2018 و 2022 تم التخلي عن ما يقرب من 140 طفلا في جميع أنحاء البلاد، أكثر بكثير من أولئك الذين تُركوا في أماكن آمنة، ويُعتبر هذا العدد كبيرا بالنظر إلى قلة عدد سكان البلاد البالغ 2.5 مليون فقط.

وتتمنى بيترز أن يصبح المزيد من الناس على دراية بصندوق إنقاذ الرضيع.

وتضيف قائلة: "يجب توعية الأمهات بأنه يُسمح لهن بترك أطفالهن دون أن يصابوا بأذى في مكان آمن ودون الكشف عن الهوية، إذا رغبن في ذلك، وفي كل مرة أسمع فيها عن طفل آخر تم التخلي عنه في مكان غير آمن أشعر بالذنب الشديد، أشعر أن هذا خطئي، لأنني يجب أن أفعل المزيد لنشر الوعي بشكل كاف".

"أُصلي للرب أن يغفر لي"

تقول دوناتا تشيفورو، الأخصائية الاجتماعية الرائدة في وزارة الجندر في ناميبيا: "إن الفقر، كما في حالة ليندا، هو أحد الأسباب التي تجعل الأمهات يشعرن أنهن غير قادرات على رعاية طفل. لكن تم التخلي عن أطفال آخرين لأن أمهاتهم شعرن أنهن صغيرات جدا على تحمل مسؤولية طفل، أو أن الأطفال كانوا ثمرة للاغتصاب، أو أن الآباء قد هجروا الأسرة".

وقد تم اتخاذ خطوة إلغاء تجريم التخلي عن الأطفال في عام 2019 لتشجيع الأمهات على ترك أطفالهن في أماكن آمنة، مثل المستشفى أو مركز الشرطة أو في صندوق إنقاذ الرضيع.

ويجب ألا يظهر على الطفل أي علامة تنم عن سوء المعاملة أو الإهمال أو سوء التغذية، وبمجرد تلقي الطفل، يتم تسليمه إلى أخصائي اجتماعي.

وتقر ميرسيا شينغواراموسى، وهي أخصائية اجتماعية تعمل في هذه القضية، بأنه على الرغم من التغيير في القانون فإن هناك وصمة العار و "الخوف من معرفة الناس بأنك قد أقدمت على التخلي عن طفلك".

ومع ذلك، تضيف قائلة إن اتخاذ الأم قرارا بالتخلي عن طفلها لأنها لا تستطيع الاحتفاظ به، هو في الواقع قرار يمنح هذا الطفل "فرصة للعيش".

قصة تجربة أطفال الدنمارك التي فشلت في خمسينيات القرن الماضي

العثور على طفل حديث الولادة في سلة مهملات بحمام طائرة

وتقر السلطات بأنه لا يزال يتعين القيام بالمزيد لتوعية الناس بالطريقة الآمنة لترك طفل لمنع المزيد من الوفيات.

وتقول تشيفورو: "نتحدث بالفعل على أجهزة الراديو، بلغات محلية مختلفة، ونذهب إلى المدارس، ونقوم بعقد لقاءات مجتمعية، كما يذهب الأخصائيون الاجتماعيون إلى رؤساء القرية".

وبينما توجد الآن طرق آمنة للتخلي عن طفل، فإن مشاعر القلق لدى أشخاص مثل ليندا لن تختفي أبدا.

وتقول: "أنا فقط أصلي للرب أن يغفر لي يوما ما، أو ربما يأتي إلي يوما ما".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في لايف ستايل