لم تعد هناك حاجة لتقديم الأدلة والبراهين على حالة القلق والخوف السائدة في قمة النظام الإيراني، إذ إن تصريحات النظام وردود أفعاله على الأحداث والتطورات في المنطقة، ولا سيما بعد سلسلة الهزائم التي تعرض لها وكلاؤه، تعكس تلك الحالة بوضوح. هذه الهزائم، التي تجسدت في قرار وقف إطلاق النار الأخير، حولت "العملقة" التي كان يتباهى بها النظام وحزب الله إلى حالة من التقزم باتت واضحة للجميع.
يسعى النظام الإيراني جاهداً للتغطية على هزائم وكلائه من خلال دعايات سياسية وإعلامية مثيرة للسخرية، مدعياً نصراً لا وجود له. الأكثر غرابة هو دفع وكلائه للتفاخر بهذا النصر الوهمي. لكن في الوقت نفسه، يخشى النظام من انعكاسات هذه الهزائم على الداخل الإيراني، حيث يعاني الشعب من استنزاف ثرواته في تدخلات إقليمية، وخصوصاً بعد أن اقتربت انتفاضة 16 أيلول (سبتمبر) 2022 من الإطاحة به. لهذا السبب، يلجأ النظام إلى التضليل الإعلامي، مدعياً الانتصار، لكنه يفشل في إدراك أن زمن الأكاذيب المبهرجة قد ولى.
من الملاحظ أن النظام، وخاصة المرشد علي خامنئي، برر تدخلاته في المنطقة بأنه يفضل القتال في شوارع بغداد وبيروت وصنعاء ودمشق بدلاً من شوارع طهران وأصفهان وغيرها من المدن الإيرانية. بذلك، حاول النظام تحويل تلك المدن إلى جبهاته الأمامية لتجنب المواجهة الحقيقية بينه وبين الشعب والمقاومة الإيرانية.
مع انتهاء الحرب بالوكالة الأخيرة في لبنان بهزيمة النظام الإيراني ووكلائه، تزداد احتمالات المواجهة داخل إيران. الشعب الإيراني، الذي يرى النظام مستنزفاً موارده في مغامرات خارجية، قد يتحرك قريباً لينقل المعركة إلى شوارع طهران.