: آخر تحديث

تسوية مؤقتة هشة وورقة جانبية قوية

8
8
7

لقد ولى زمن الانتصارات والهزائم، هذا هو واقع الحال بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. تسوية مؤقتة تنهي المواجهات العسكرية وقتل البشر وتدمير الحجر، تسوية مؤقتة هشة، لكن حظوظها لأن تصبح دائمة هي الأقوى.

"لا غالب ولا مغلوب"، يقول المثل الدارج. ومن يعتقد أنه انتصر فهو يخدع نفسه قبل الآخرين، ففي منطقتنا كان الانتصار الأخير لإسرائيل في حرب حزيران عام 1967، إذ هُزم العرب أمام إسرائيل في ستة أيام.

بعد هذه الهزيمة، لم يحدث أن انتصر أحد في الحروب التي تلت، بل على الأكثر أعلنت جهة انتصارًا معنويًا، مثل حرب أكتوبر 1973، أو هزيمة الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهر على يد الفلسطينيين في حرب 1982 في لبنان، مع إخلاء قيادة منظمة التحرير إلى تونس رافعين شارة النصر وهم يرحلون مرغمين.

بعدها، في كل المواجهات، لم يحرز أي طرف أي انتصار. وحتى عندما أعلن نصر الله "النصر الإلهي" على إسرائيل في تموز (يوليو) 2006، لم تكن تلك هزيمة لإسرائيل بقدر ما كانت مرحلة هدوء استمرت نحو 17 عامًا. زد على ذلك مواجهات إسرائيل وحماس التي لم تحسم أي معركة، وقد يكون ذلك عمدًا.

حرب غزة الحالية مستمرة منذ أكثر من سنة. يعتقد بعض الساذجين من حماس ومؤيديهم في أنحاء "الوطن العربي" أنهم انتصروا على "العدو الغاشم"، ويروجون للمقاومة التي ورطت غزة والفلسطينيين في متاهات التشريد والنزوح، وجعلت لإسرائيل حقًا مشروعًا في تدمير ممنهج لقطاع يحتضن أكثر من مليوني فلسطيني سيجدون أنفسهم دون مأوى ولا معين.

زمن الانتصارات الإلهية وغيرها ولى واندثر، وجاء زمن فرض المعادلات والتسويات. فالقوي يفرض شروطه، وما على الضعيف إلا أن يقبل وينتظر فرصة أخرى: مُرغماً أخاك لا بطل!

في حالة حزب الله وإسرائيل، فقد تم الاتفاق مع ورقة جانبية وافق عليها حزب الله ضمنًا ورغمًا عنه. فإيران التي ترعاه أصبحت ضعيفة مقابل الولايات المتحدة، وانكشفت عورتها بعد الضربة الإسرائيلية التي دمرت قدراتها الدفاعية التي لم تشتغل عند حاجتها، ناهيك عن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، الأمر الذي أدخل المنطقة في دوامة انتظار قاتلة.

في الحروب الحديثة لا يوجد منتصر أو مهزوم، هناك خاسر وخاسر أكثر. نسلم أن إسرائيل لم تربح، لكن حزب الله خسر كل قياداته من الصفين الأول والثاني، وخسر عنصر المفاجأة، ولم يحظَ حتى بشرف قتال الإسرائيليين وجهًا لوجه كما كان يروج قادته، وأولهم الراحل حسن نصر الله. بل أذلهم الإسرائيلي في عمليات أسر مصورة مهينة، وحتى إن اتفاق وقف النار لم يتطرق لهؤلاء الأسرى لا من قريب ولا من بعيد.

انتهت جولة قد تتجدد في لحظة، وإسرائيل نقلت كرة الحرب الأهلية الملتهبة إلى شمال الليطاني في لبنان، وبانتظار من يركلها أولًا، في حين يقضم الإيرانيون أظافرهم انتظارًا لدخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف