لماذا يترقبون لحظة سقوط رونالدو؟ الحقيقة ليس رونالدو فقط، بل يحلمون بزوال كل إسم له نصيب من النجاح الأسطوري، وهي حقيقة دامغة على أن "الحقد البشري" أصبح سمة السنوات الأخيرة، وهو مثل السرطان الذي ينهش في جسد العالم، وقد أظهرته السوسيال ميديا بصورة جلية بعد أن كان خفياً كامناً في رداء الخجل البشري من التواصل المباشر وليس التواصل الافتراضي.
الميديا تريد "السلبي المثير" والمنافس لك لديه قرار بالذهاب بعيداً إلى حد التطرف في التقليل من شأنك، وهذا هو ما يفعلونه مع الأسطورة رونالدو.
From zero to hero
تلك هي المعادلة الأساسية في حالة "الهجوم الهمجي" على النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وأنا هنا لست من مواليد جزيرة ماديرا البرتغالية التي أتى منها رونالدو، ولست من مجانين ريال مدريد، كما أنني لست ممن يصيبهم حب وهوس التعلق بالمشاهير على طريقة المراهقين، ولكنني أدافع عن جزء من تاريخ المتعة الكروية، كما أدافع عن نجم أسطوري كتب قصته من الصفر، وكما يقولون من "الزيرو" إلى "الهيرو" أو from zero to hero.
رونالدو جاء من بيئة فقيرة، وأسرة لم تكن حتى مترابطة، فالأب كان مدمناً على الكحول، ويعاني من المرض، والأم فعلت كل ما تستطيع لرعاية أسرتها، وانطلق الفتى الفقير في عالم كرة القدم قاطعاً آلاف بل ملايين الأميال في رحلة تستحق كل الاحترام.
من بيئة الفقر والحرمان إلى عالم النجومية، والآن آصبح لديه رصيد ملياري في عدد المتابعين على مواقع السوشيال ميديا (الإنسان الأكثر متابعة على وجه الأرض، ورصيد ملياري في المال، ورصيد ملياري في صفحات التاريخ الكروي.
هو التاريخ.. وبالأرقام
نحن أمام التاريخ ، رونالدو هو تاريخ كامل من النجاحات الساحقة والاستمرارية التي تثير غضب وأحقاد البعض، فهو يلعب كرة القدم في مستواها الاحترافي منذ 21 عاماً، وخاض خلال هذه السنوات 1266 مباراة، مع الأندية والمنتخب، وسجل 913 هدفاً، وفاز بـ 33 بطولة على المستويات كافة، وهو الآن يبلغ 39 عاماً، ويقدم مستويات جيدة، ويتمتع بلياقة بدنية مذهلة قياساً بمرحلته العمرية، ومن ثم تسببت هذه الاستمرارية في ترقب "أعداء" اللاعب لحظة سقوط له.
دراجي "الساخر" المغيب
كما أن "أعداء رونالدو" يرغبون في لحظات من الشهرة والاهتمام عبر منصاتهم سواء كان مايكروفون تعليق مثل حفيظ دراجي الذي سخر من بكاء رونالدو وقال له أنت الباكي منذ 20 عاماً، وفي تفسير البعض ولكنه تفسير يعتمد على الدخول في مناطق النوايا التي لا أحبها، هؤلاء يقولون إن دراجي ليس متحمساً للمشروع الكروي والرياضي السعودي، ولا يحب أن يرى رونالدو في دوري السعودية أو فريق النصر، على أي حال فإن دراجي هو في الأساس صنيعة أزمة مباراة مصر والجزائر، فقد امتطى الترند في ذاك الوقت وأصبح بطلاً قومياً في بلاده، ومنذ ذلك الحين، وهو نجم البي إن، ويجب على دراجي أن يعلم جيداً أن "المحترف" لا يجب عليه أن يسخر من رونالدو أبداً.
مرة أخرى نسأل.. لماذا لا يحبون رونالدو؟ هناك سبب آخر وهو أن الملايين من عشاق البارسا وميسي يعيش بعضهم فقط للتقليل من شأن رونالدو، ولا يدركون أنه يجب على هذا الجيل المحظوظ أن يقول "استمتعنا بالتنافس الكروي الأكثر متعة في التاريخ"، فليس من المنطق أبداً أن يتفرغ معسكر رونالدو للتقليل من شأن ميسي، وليس من العقل أبداً أن يصبح طموح معسكر ميسي أن يسقط رونالدو.
هل أقول لكم مقولة صادمة أيها "المتعصبون".. قالها رونالدو يوماً ما: "أنا وميسي اقتسمنا مسرح المجد وحدنا لمدة 15 عاماً، وهو كان حافزي للتألق"، فلماذا بعد كل ذلك تجعل نفسك وقوداً لحرب بلا معنى، أساسها سؤال وجودي بلا معنى "من هو الأفضل ميسي أم رونالدو؟".
لماذا البكاء؟ هو مجرد ممثل أناني!
ملخص القول.. رونالدو بكى عقب إهداره ركلة الجزاء أمام سلوفينيا لأنه يشعر بالضغوط، وترقب البعض لحظة التقليل منه، والادعاء أنه عبء على البرتغال، وبكى لأنه يخشى غدر التاريخ وأن يكون سبباً في وداع البرتغال للبطولة، وهو الذي صنع للبرتغال تاريخاً كروياً كبيراً، وبكى لأنه يحلم بختام يستحقه، وبكى لأنه يحب البرتغال، ولكنه أبداً لم ينخرط في نوبة البكاء لأنه قائد ضعيف، أو ممثل يريد التعاطف، هل أقول لكم سراً؟ "رونالدو مجرد ممثل وشخص أناني".. هذه الكلمات التي تقطر مرضاً، قالها محلل في قناة عربية شهيرة عقب مباراة البرتغال وسلوفينيا، هل عثرتم على إجابة السؤال الذي يقول: "لماذا لا يحبون رونالدو؟"