مع اقتراب الانتخابات الإيرانية المقررة في الأول من آذار (مارس)، أصبح من الواضح بشكل متزايد أنها مجرد مهزلة مدبرة من قبل نظام علي خامنئي القمعي. منذ بداية عمليات القتل الجماعي التي ارتكبها النظام في عام 1981، وخصوصاً منذ الانتفاضة الإيرانية في عام 2017، تحدث المواطنون بصوت عالٍ وواضح: سوف يقاطعون الانتخابات الصورية على نطاق واسع.
من خلال رفض الحكم القمعي للنظام، فإن هذا العمل من التحدي يشير إلى السقوط الوشيك للنظام. ويجب على بقية العالم أن ينتبه، لأن العملية الانتخابية تؤثر على سياسات طهران الإقليمية وآفاق البقاء بين سكانها.
وتدريجياً تتجمع الصورة الكاملة لأزمة الشرق الأوسط، مع إدراك العالم أن رأس أفعى الحرب والإرهاب يكمن في طهران.
ويتناول توجيه تم الحصول عليه حديثاً من داخل برلمان النظام الإيراني، بتاريخ 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، تفاصيل إعادة ضبط خامنئي لسياسة طهران الخارجية، حيث يعتزم جعلها "متمحورة حول المجال البحري"، من أجل "تحقيق مكانة عالمية جديرة والمركز الأول في المنطقة".
كلماته الفارغة تعني في الأساس الإرهاب في البحار. وبعد أيام، في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، بدأت الهجمات الإرهابية التي شنها الحوثيون، وكلاء طهران، ضد أهداف وسفن تجارية في البحر الأحمر، وتصاعدت منذ ذلك الحين.
ومن أجل تحديد الحل، يتعين على صناع السياسات أن يدركوا أن تكتيكات إثارة الحرب التي ينتهجها النظام في المنطقة تنبع من ضعف داخلي حاد. ينبغي أن توضح الانتخابات الإيرانية المقبلة نقطة ضعف النظام وأن تلهم سياسة جديدة تعتمد على الحقائق في إيران.
وتشمل عملية التطهير الواسعة النطاق للمرشحين، التي أطلق عليها خامنئي اسم "التطهير"، شخصيات بارزة مثل الرئيس السابق حسن روحاني ووزير المخابرات السابق محمود علوي، مما يكشف بالتالي عن يأس النظام من التشبث بسلطته.
إنَّ انتخابات مجلس الخبراء المؤلف من 88 عضواً، والذي تتمثل مهمته الوحيدة في اختيار خليفة خامنئي بعد وفاته، يتم تنظيمها بحيث تشمل فقط المرشحين الذين يرتبط خامنئي بتحالف وثيق معهم.
ويخشى خامنئي من عودة الانتفاضات والأنشطة التي تقوم بها وحدات المقاومة، التي تشكلها المعارضة المنظمة الرئيسية التي تسعى إلى الإطاحة بنظامه. وقد أدى هذا، إلى جانب رغبة خامنئي في توسيع التدخلات الأجنبية ومسألة خلافته التي تلوح في الأفق، إلى دفع خامنئي إلى استبعاد حلفاء النظام السابق وتعزيز السلطة في أيدي القوى الأكثر ولاءً.
ومع ذلك، أدت عمليات التطهير إلى مزيد من تآكل قاعدة السلطة وإضعاف النظام من الداخل.
ونتيجة لذلك، امتدت مقاطعة الانتخابات على نطاق واسع إلى أنصار النظام. إنَّ اعتماد النظام المتزايد على القمع والإرهاب هو شهادة على ضعفه، حيث يلجأ إلى القوة الغاشمة للحفاظ على سيطرته.
وفي عام 2023، أعدم النظام 864 سجيناً، أي ما يعادل جريمة قتل واحدة كل 10 ساعات. معدل القتل أعلى بالفعل في عام 2024.
خلف واجهة الفروع الثلاثة للحكومة، يكمن جهاز سيطرة الدولة العميقة. ويشرف على مكتب خامنئي، المعروف باسم البيت، ابنه مجتبى وحرس الملالي. وتتلاعب شبكته السرية بكل جانب من جوانب الحكم الإيراني، مما يجعل المؤسسات مثل البرلمان مجرد دمى في أيدي خامنئي.
لقد أصبح برلمان النظام على نحو متزايد بمثابة ختم مطاطي لتلبية مطالب خامنئي وحرس الملالي. إنهم يوفرون غطاءً قانونيًا من خلال تأييد سياساته القمعية، بينما يملؤون جيوب أعضائهم في الوقت نفسه برواتب باهظة.
وهذا الفساد الصارخ لا يؤدي إلا إلى تأجيج الاستياء بين الشعب الإيراني، وتوسيع الفجوة بين المواطنين ونظامهم.
ومع مضاعفة النظام جهوده في الترويج للحرب والإرهاب في الخارج، أصبحت مراجعة السياسة الإيرانية أمراً ملحاً. ويجب على المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا، فرض عقوبات على النظام لمحاسبته على جرائمه الإرهابية في الخارج وفظائع حقوق الإنسان المحلية في الداخل. وينبغي عليهم ممارسة السلطة لإحياء جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة وإحالة قضية النظام إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع.
ويجب على المجتمع الدولي أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني من خلال الاعتراف بحقه في تقرير مستقبله. ولعقود من الزمن، عانوا بلا نهاية تحت نير القمع الثيوقراطي.
إنَّ المواطنين الإيرانيين ومقاومتهم المنظمة يجدون عزاءهم ليس في صناديق الاقتراع المزيفة، بل في الانتفاضات والعمل ضد القوى القمعية التابعة لحرس الملالي. ويجب على العالم أن يتحرك لدعم سعيهم إلى الحرية والديمقراطية.
إنَّ الجمهورية الإيرانية الحرة القائمة على العلمانية والسيادة الشعبية هي الحل النهائي للصراع الإقليمي المتواصل والإرهاب العالمي. يجب أن يبدأ العمل الآن.