: آخر تحديث

طلال سلمان.. وعوادي الزمان

57
57
48
مواضيع ذات صلة

رحل عن عالمنا قبل أيام الأستاذ طلال سلمان، بعدما انتصف في عقد الثمانيات من عمره الحافل بعواصف الصحافة وقواصف السياسة.

سلمان صحافي لبناني خاض غمار المهنة منذ خمسينات القرن الماضي، قرن السياسات العروبية والشعارات القومية واليسارية والإسلامية أيضا، وكانت سيرته انعكاسا لهذه الفصول الصاخبة، من صحف لبنان إلى محطته القصيرة بالكويت إلى تجربته الأشهر في السفير، التي فتحها بتمويل من العقيد معمر القذافي، كما قال هو في حوار سابق.
قبل 6 أعوام أوقف طلال سلمان صدور(السفير) مخبرا إنه قد "انتهى" زمن جريدته، كما عبّر وقتذاك.
عام 1974 انطلق مشروع طلال الخاص، وهو جريدة السفير التي موّلها القذافي كما سبق، وكانت، كما يعتقد هو: “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان"، مع شعار الحمامة البرتقالية حاملة الرسائل، و"البرتقال يعني الشام وفلسطين" يقول سلمان.
الرجل كان شعاراتيا سياسيا للنخاع، تلميذا للمصري الشهير محمد حسنين هيكل، على أساس أنه عروبي يساري عتيد.
نعم هو صحافي معروف، وصنع ملاحق السفير الأدبية والثقافية الشهيرة، لكن النقاش هنا ليس عن جدارته وسيرته المهنية، النقاش عن الفصل الأخير من حياة سلمان، حين اندلعت عواصف الربيع العربي، فكان نصيرا لها في مصر وتونس والخليج، إلإ في سوريا وإيران.. أوقف جياده الجامحة!؟
فهل تذكّر هنا طائفته قبل هوّيته العربية ونزعته القومية!؟
في 31 مايو 2013 كتبتُ في جريدة الشرق الأوسط:
يوم الاثنين الماضي كتب رئيس تحرير «السفير»، الصحافي اللبناني المعروف، طلال سلمان عن تورط لبنان في الحرب السورية، وهو يعني تدخل حزب الله الى جانب بشار الأسد، في مقابل تدخل متطوعين، سُنة، مع الثوار، بعد أكذوبة سياسة «النأي بالنفس".
كلام طلال سلمان لافت، لأن الرجل، رغم كونه شيعيا بالمعنى «البيولوجي» للكلمة، لكنه لم يكن يوما إنسانا أصوليا، أو من أتباع فكرة ولاية الفقيه، على العكس فهو عروبي الهوى، منفتح الثقافة، وصحافي ماهر، وصاحب تاريخ مهني، لكنه يقارب تدخل حزب الله، وتورط لبنان في هذه الحرب الرهيبة بسوريا، من منظور لا تستطيع أن تنفي عنه هواجس الطائفة، بالمعنى الاجتماعي والنفسي، لا الديني.
يقول طلال سلمان: «إنها معركة دفاع عن النفس قبل أن تكون دعماً للنظام في سوريا".
ويكثّف هواجسه بهذه الجملة فيقول: «قد تكون هذه المعركة استباقية في توقيتها منعاً لتمدّدها، ولكنها متوقعة، وهي حرب مفروضة لا مفرّ من مواجهتها قبل أن يتوسع مسرحها لإدخال المنطقة جميعاً في (فتنة كبرى) لا تبقي ولا تذر".
سألتُ حينها تعليقا على هواجس طلال المشدودة بأوتار طائفية:
هل من أمل؟ وأجبتُ:
لا ندري، لكن بشار الأسد يؤكد مجددا كما في مقابلته مع فضائية «المنار» التابعة لحزب الله، أنه «وحزب الله في محور واحد".
وبعد.. الرجل صحافي كبير، لا شك، وتجربة مثيرة، لاريب، ولكنه انعكاس أمين لمزايا وعيوب لبنانه وشامة البرتقالي وهبّات الطائفية الساخنة الملتحفة بأردية عصرية علمانية، هو وغيره من طوائف أخرى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف