: آخر تحديث
المخاطر كبيرة والتحرّك سريعاً مسألة ضرورية

اقتصاد غينيا يعاني بعد عشرة أيام على حريق مستودع الوقود الرئيسي بالبلاد

14
11
14

كوناكري: بعد عشرة أيام على حريق في مستودع الوقود الرئيسي في غينيا، يواجه اقتصاد البلاد صعوبة للخروج من تأثير هذه الكارثة التي تسببت بعرقلة حركة النقل وتقنين الوقود واإضافة الى غضب متصاعد في أوساط السكان.

وليل 17 إلى 18 كانون الأول/ديسمبر، سُمع دوي انفجار قوي في منطقة كالوم المركز الإداري والتجاري في العاصمة، تلاه حريق في مستودع للوقود تابع لشركة البترول الغينية تسبّب بمقتل ما لا يقل عن 24 شخصاً وإصابة 454 بجروح وفقدان عدد من الأشخاص لم يُعرف بعد.

وستؤثر عواقب هذا الحريق لفترة طويلة على غينيا إحدى الدول الأقل نمواً في العالم، على الرغم من الثروة التي تحويها أراضيها من ذهب وحديد. وتخضع غينيا منذ أيلول/سبتمبر 2021 إلى حكم مجموعة عسكرية إثر إطاحة ألفا كوندي، أول رئيس منتخب ديموقراطياً للبلاد في العام 2010.

في سوق مدينا الأكبر في كوناكري، يشهد النشاط التجاري تباطؤاً كبيراً إذ معظم المحال مغلقة ومركبات نقل البضائع متوقفة.

والواقع نفسه يشهده ميناء كوناكري المحاذي لموقع الحريق، إذ توقفت الشاحنات التي تحدث عادة ضجيجاً في المكان، عن العمل. ولا يبتعد الصيادون خلال تجوّلهم عن الساحل بسبب نقص الوقود، في حين باتوا يصطادون أعداداً أقل بكثير من الأسماك.

أما طرقات العاصمة فاصبحت مهجورة، باستثناء محيط محطات الوقود التي تصطفّ طوبير طويلة أمامها.

استئناف توزيع البنزين
وبعد تظاهرات أطلقتها الفئة الشابة التي يكتسب عدد كبير منها رزقه من نقل الركاب عبر دراجات نارية، أعلنت الحكومة السبت استئناف توزيع البنزين لكن بشكل مقنن، مع السماح بـ25 لتراً لكل مركبة و5 لترات لكل دراجة نارية ودراجة ثلاثية العجلات، في حين حظرت تعبئة حاويات البنزين الصغيرة تجنّباً لإعادة بيعها في السوق السوداء.

يقول مامادو يايا باه، وهو سائق دراجة ثلاثية العجلات يقف منذ ساعات في طابور أمام إحدى محطات الوقود في كوناكري، متنهداً "ثمة معاناة كبيرة". ومع التقنين المفروض على كميات الوقود المُباعة، ارتفعت تكاليف الرحلات التي يوفرها لدرجة أنها زادت ثلاث إلى أربع مرات عمّا كانت أساساً.

ويفضّل سائقو سيارات الأجرة نقل الركاب ضمن العاصمة. ويقول أحدهم هو مامادو ساليو بالديه "لسنا متأكدين من اننا سنجد وقودا".

وباتت الإمدادات المرتبطة بالسلع نادرة خارج كوناكري. وطالت أزمة النقل مختلف المناطق في غينيا التي تعاني بنيتها التحتية المرتبطة بالطرق من وضع متهالك أصلاً.

يملك ألفا كابينيه دومبويا، وهو تاجر وسائق مركبات نقل، ثلاث شاحنات توصيل وخمس سيارات أجرة في كانكان الواقعة على بعد 600 كيلومتر شرق العاصمة، إلا أنّ هذه المركبات باتت كلّها متوقفة. ويقول "إذا سعلت كوناكري تمرض المناطق الداخلية".

ويقول مفتش جمركي على الحدود بين غينيا وسيراليون، في حديث عبر وكالة فرانس برس، "لا وقود، لا أمن، والكثير من المضايقات (...) توقّفت المركبات التي تعبر الحدود لنقل البضائع في كوناكري عن العمل".

ويمكن للسلطات أن تعوّل على المدى القصير على تضامن البلدان المجاورة كسيراليون التي سمحت لكوناكري باستخدام مستودعاتها لتخزين النفط.

وكان تلفزيون ساحل العاج الرسمي أعلن مساء الأربعاء، عن التوصل إلى عقد يقضي بأن تزوّد ساحل العاج غينيا بخمسين مليون لتر من الوقود شهرياً.

مخاطر كبيرة
يؤكد الخبير الاقتصادي الغيني تيديان باري أنّ التحرّك سريعاً مسألة ضرورية لأنّ مخاطر الحريق كبيرة.

ويقول "ارتفعت تكلفة النقل أكثر من 60% على المستوى الوطني". وسبق للمعهد الوطني للإحصاء (INS) أن توقّع تباطؤاً في النمو الاقتصادي بمقدار 0,7 نقطة في العام 2023.

ويشير إلى أنّ الكارثة ستلقي بظلالها أيضاً على المالية العامة مع انخفاض الإيرادات في قطاعي النقل والطاقة، لافتاً إلى أنّ "توقعات التضخم لكانون الأول/ديسمبر 2023 تتجاوز 10%. وفي كوناكري، قد يتجاوز التضخم 15%".

وقد بدأت هذه النتائج تظهر في أسواق العاصمة.

وتقول هاوا توريه وهي تتبضّع في سوق تاويا "لا يمكنني شراء أي سلعة، فالأسعار باتت مرتفعة جداً".

وفي السوق نفسه، ينتاب أميناتا كامارا التي تبيع الخضار، نعاس وهي تجلس في كشكها. وتقول "ما زلت أنتظر أول زبون منذ فترة. لا أعرف ماذا اقترفت غينيا لتستحق هذه العقوبة".

ويرى باري أنّ هذه الكارثة تمثل "نقطة تحوّل" لغينيا، لأنها تبرز نقاط الضعف في اقتصادها كالاعتماد على النفط، مع العلم أنّها تشكل من جهة ثانية فرصةً لإعادة التفكير في الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد.

ويتابع "إن الاستثمار في بنية تحتية أكثر أماناً وتنويع مصادر الاقتصاد وتعزيز التعاون الإقليمي هي خطوات أساسية نحو تنمية اقتصادية مستدامة وقادرة على الصمود".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد