: آخر تحديث

عملة بريكس.. المتغيّر العالمي القادم

19
22
20
مواضيع ذات صلة

دفعت السياسات الأحادية القائمة على الاستعلاء، والتي تتبعها الولايات المتحدة، ومن خلفها دول الاتحاد الأوروبي، دول العالم الكبرى، خارج تلك المنظومة، إلى التلاقي والتكتل بهدف المحافظة على المكتسبات التي حققتها.
فكان تجمع «بريكس» الذي يضم، روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، هو القوة العالمية الجديدة التي وضعت نصب عينيها القضاء على هيمنة الولايات المتحدة اقتصادياً، متمثلة في قوة الدولار، على الاقتصاد العالمي، ومن ثم إنهاء عصر العقوبات الأميركية إلى غير رجعة.
 ذلك أن الولايات المتحدة دأبت منذ ظهورها كقوة عالمية، إلى اتباع سياسة العقوبات ضد خصومها، وقد نجحت تلك السياسة في احتواء وتأخير نهوض دول عدة، كما ساهمت في تدمير اقتصاد دول عدة أخرى. ولا تزال الولايات المتحدة تتبع تلك السياسة مستعينة بعملتها العالمية، وبأذرعها الكثيرة في الهيئات والمؤسسات الدولية. 

وقد خطت دول «بريكس» خطوة كبيرة في سبيل تحجيم القوة الاقتصادية الأميركية، من خلال إنشاء «بنك التنمية الجديد» عام 2015 برأس مال مبدئي قدره مئة مليار دولار، ويقع المقر الرئيسي للبنك في شانغهاي (الصين).

وترافق إنشاء البنك مع الإعلان عن صندوق احتياطات مالية طارئة، وقال رئيس المؤتمر: «إن البنك والصندوق خطوتان مهمتان لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي». وكان من المقرر أن يحمل البنك اسم «بنك التنمية لدول بريكس»، لكن تمت مراجعة هذا القرار كي تتمكن دول أخرى من المشاركة برأس المال، عقب اجتماع «أصدقاء بريكس» الذي عقد في كيب تاون، الأسبوع الماضي، بمشاركة وزراء خارجية مجموعة «بريكس»، إضافة إلى نظرائهم من دول عدة، هي دولة الإمارات العربية المتحدة، والسعودية، ومصر، وكازاخستان.

 فقد أعلنت «بريكس» أنها تستكشف إمكانية إنشاء عملتها الخاصة لتجاوز التقيد بالدولار الأميركي، وطلبت المجموعة من بنك التنمية الجديد، إرشادات حول كيفية إنشاء عملة مشتركة جديدة، لتسهيل تنمية الاقتصاد العالمي وحماية أعضاء المجموعة من العقوبات الغربية.

وتوصلت «بريكس» إلى مقترحات مختلفة حول إمكانية أن يتم تأمين العملة الموحدة الجديدة ليسبالذهب فقط، ولكن أيضاً من خلال مجموعات أخرى من المنتجات، مثل العناصر الأرضية النادرة. وكان الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، صرح بأن الوقت قد حان لأمريكا اللاتينية ودول «بريكس» للابتعاد عن العملة الخضراء لتعزيز التجارة متعددة الأطراف والتنمية الاقتصادية لجنوب الكرة الأرضية.

 في الظروف الاستثنائية التي تواجهها معظم الحكومات الغربية اليوم، يمكن أن تكون الإجراءات الاستثنائية هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

 لا شك أن العملة الجديدة لبريكس سوف تشكل ضربة قوية للاقتصاد الأميركي وللدولار وللنظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، حيث إن دول «بريكس» تمثل القوة الاقتصادية الحقيقية في العالم، وتعامل هذه الدول بالعملة الجديدة مع بعضها بعضاً، ومع الدول الأخرى الراغبة في التخلص من الهيمنة الأمريكية، وهي كثيرة في قارات العالم، سوف يجعل التريليونات الأمريكية التي تتم طباعتها من غير رصيد ذهبي، عديمة القيمة، وسوف تصبح عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الأمريكي وتعجّل بانهياره.

 وتتابع الولايات المتحدة ما يجري بصمت، وهي تحاول من خلال الحرب في أوكرانيا إضعاف روسيا، كما تسعى إلى محاصرة الصين، وهي تعتقد أن إفشال هاتين الدولتين هو المدخل الوحيد لإنهاء مجموعة «بريكس»، وإبقاء الوضع العالمي على ما هو عليه، لكن ليس من السهولة بمكان تحقيق هذا الهدف، لأنه لا إمكانية لمحاصرة الصين في الشرق الأقصى، بل إن العالم مقبل على مرحلة جديدة مختلفة تماماً عما عرفناه حتى اليوم، هي مرحلة الدول المستقلة الحقيقية، حيث سيكون لكل دولة مكانتها التي تستحقها بعيداً عن الإملاءات الخارجية، وسوف يتم توزيع الثروة العالمية بشكل عادل، لأن كل دولة ستتعامل بعملتها الوطنية في تعاملاتها في إطار حرية اقتصادية حقيقية سوف تحققها دول «بريكس».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.