: آخر تحديث
وسط الغموض الذي يلفّ مستقبل اتفاق الحبوب في البحر الأسود

سيباستيان أبيس: روسيا تستخدم تجارتها الزراعية سلاحًا

22
26
23

باريس: اعلن الباحث سيباستيان أبيس في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان اعادة النظر في الممرات التي تسمح بتصدير القمح والذرة وعباد الشمس من اوكرانيا ستكون خطوة "خطيرة" لأن "أحدا لم يحل مكان أوكرانيا" من الدول القليلة المنتجة والمصدرة للقمح.

خلال خمسة عشر شهرا على حد قول مؤلف كتاب "الجغرافيا السياسية للقمح"، أبعدت هذه الممرات خطر حدوث كارثة غذائية كبرى في العديد من البلدان الضعيفة مما أتاح تصدير حوالي 60 مليون منتج زراعي من أوكرانيا وخفض أسعار الحبوب العالمية.

بعد أن بلغت ذروتها في ايار/مايو 2022 حيث بلغ سعر القمح ما يقارب 440 يورو للطن في السوق الأوروبية، تراجعت الأسعار حتى وصلت إلى ما دون مستواها قبل الحرب، لتبلغ نحو 235 يورو مؤخرا في منتصف ايار/مايو.

مع انتهاء مدته الخميس، لا يزال الغموض يلف مستقبل اتفاق الحبوب في البحر الأسود الذي سمح بتصدير أكثر من 30 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا منذ بدء تطبيقه في الأول من آب/اغسطس الماضي.

يقول الباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (Iris) ان "الاتفاق الذي لا يزال الوحيد الموقع منذ بداية الحرب من قبل روسيا وأوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة، أساسي. كما هي الحال بالنسبة لممر التضامن الأوروبي الذي اطلق اعتبارا من ايار/مايو 2022" أساسا عن طريق السكك الحديد ولكن أيضًا عن طريق البر وعبر نهر الدانوب.

حتى مع خسارة ربع أراضيها الصالحة للزراعة مع "تراجع الإنتاج المتوقع في 2023 بنسبة 50% مقارنة بعام 2021"، تظل المساهمة الأوكرانية "مهمة جدا".

توقعات مقلقة
ويضيف "لم يأت أحد ليحل محل أوكرانيا في الأسواق العالمية، ولن تتمكن أوروبا من زيادة الإنتاج، ويتوقع أن ينخفض الانتاج الأميركي. وفي سياق تغير المناخ، فإن وضع إسبانيا المستفيد الثاني من الممر البحري، مأساوي". ويتابع ان روسيا التي يُعد حصادها خلال 2022-23 استثنائيا "قد يكون أداؤها أسوأ العام المقبل".

ويكشف ان "الحاجات لن تنخفض. هذا العام تجاوزنا عتبة 200 مليون طن من مشتريات القمح في العالم بينما كنا لا نزال عند 100 مليون طن سنويا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".

اليوم روسيا التي هي أكبر مصدر للقمح في العالم ولديها أكثر من 30% من المخزون القابل للتصدير "تغرق السوق" و"تدعم روايتها": بعد أن أكدت أنها ساهمت في فتح الممر البحري، فإنها "تفتخر بقدراتها على تأمين الغذاء للعالم" مع اوكرانيا أو من دونها.

ويضيف الباحث "تعمد روسيا الى استخدام تجارتها الزراعية سلاحا". باتت الحبوب اليوم السلاح الدبلوماسي، في قلب "امتلاك الدولة لقطاع بأكمله".

ومن ثم فهي "ليست تجارة حرة مع عقود وحقوق وجهات اقتصادية" تبيع لمن يدفع أعلى سعر. تبيع روسيا بأسعار منخفضة وتمارس ضغوطا على الدول المستوردة ويمكنها أن تقرر "قطع امداداتها في حال انتقدت سياستها".

وموسكو التي هي في موقع قوة "تزيد الضغوط" مع كل تجديد للممر البحري، مطالبة برفع جميع العقبات أمام تجارتها للحبوب والتي لا تستهدفها العقوبات بشكل مباشر، لكنها تتأثر بالحد من امكاناتها المصرفية.

مع هذا الوضع، فإن استدامة الممرات الأوروبية أو "ممرات التضامن التي سمحت بإخراج أكبر قدر ممكن من الحبوب من أوكرانيا عن الطريق البحري الذي لا يخضع لقرارات روسيا أو تركيا" أمر أساسي، كما يقول سيباستيان أبيس.

وتعقيبا على الرفض الأخير لبعض البلدان الأوروبية منها بولندا وبلغاريا والمجر، السماح باستيراد الحبوب الأوكرانية عبر أراضيها، اعتبر أن هذا الموقف "مفهوم" لمواجهة المنافسة من المنتجات المعفاة من الرسوم الجمركية، و"غير مقبول" لانه قرار من جانب واحد.

وأمام هذا الوضع، أثار قرار المفوضية الأوروبية منح مساعدات بقيمة 100 مليون يورو لهذه الدول، دون استشارة جميع الدول، احتجاج 14 دولة أخرى منها فرنسا.

بالنسبة للباحث، هذه ليست نهاية التضامن الأوروبي، ولكن "على المفوضية أن تكون أكثر شفافية وتحافظ على الثقة على المدى الطويل".

في هذه المرحلة، لا شيء مكتسب. ويقول ان "الحل سيكون في نقل القمح بشكل جيد بحرا وبرا" مشددا على أنه ما من دولة منتجة اليوم بمنأى عن الحوادث المناخية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد