: آخر تحديث

سيجارة بوباي

56
61
33
مواضيع ذات صلة

كان الرجل بين الأدغال، يجلس القرفصاء، مثل طير ليلي، بسرواله المشمر على ساقيه.
صفر طير في غصن. قد يكون منتصف الليل والقمر، كما إنه في وضح النهار ، كان يضيء الجدول أمامه. بسيجارته الطافئة في فمه و يديه  على ركبتيه لا يمكن معرفة ما إذا كان يبتسم.
على الضفة الأخرى ، نزعت المرأة الشابة حائكها فطوته ثم مشت وحطته تحت شجرة التين. 
ثم عادت حاملة حوض لتضعه مائلا في الماء عكس التيار. بعد أن نصفت الحوض بالماء وضعته وراءها على مترة من السيبوز بدأت تخلع فستانها وملابسها الداخلية. وفجأة أبصرت في الغاب المقابل شخصا ما قد أشعل عود ثقاب.
فانطلقت تجري حتى الكوخ.
-استيقظا... استيقظا...
-واش كاين، قال رشيد. كان ينعس متكئا على جيتاره. لم يرفع رأسه.
-استيقظا...
على ضوء شمعة محشوة في قنينة بيرة فارغة لهيبها أطول مما تبقى من الشمع، تمكنت من رؤية الكانون والشيشة في زاوية. من ناحية النافذة كان ينبعث من والدها ضباح.
-قد اخترق البرق قدمي سي مخطار؛ فلننتظر الصباح، قال رشيد...
-ولكن ثمة أحدهم جهة النهر...
-تحت شجرة التين، سألها رشيد؟
-على ضفة السيبوز الأخرى، قالت نجمة...
-لا تقلقي؛ نحن في حماية الجد الأول؛ انزلي للسيبوز واستحمي يا بنيتي؛ تصرفي وكأنه غير موجود...
-قد سمعت طلقة... طلقتي نار...
-من تصرفات والدك... لقد مد رجليه العاريتين عبر النافذة فحطمهما البرق؛ والدك الأخر، سي أحمد، قد توقع الأمور ألم يعلن قبل وفاته بوقت طويل أن سي مخطار في سر أخيل...
ثم التفت رشيد إلى الحائط.
أحست نجمة  أن قدميها كانتا تلتصقان بشيء بارد ولزج: ولكن دمه يسيل، سوف يجف، ربما هو ميت، صرخت.
-لا، قال رشيد بصوت عازم؛ أمرني ألا أفعل أي شيء ما دام  الليل حول الكوخ؛ في الصباح سأحضر له شخصا يجيد ضرب البندير...
-رشيد،قالت نجمة...
-نعم، تمتم رشيد، كما لو كان في نصف حلم. طوال الليل كله  والليالي السابقة ، لم يتوقف عن التدخين والعزف على الجيتار.
-رشيد، أنا خائفة.

-لا تقلقي... انزلي واستحمي في النهر...
فصفقت نجمة الباب ونزلت نحو السيبوز.
في الجانب الآخر من النهر ، يبدو أن الرجل لم يتحرك. بيديه على ركبتيه، يجلس القرفصاء، عقب سيجارته في فمه.
-بوباي، همست نجمة.
-نجمة، قالها بوباي بصوت بكاءات مداوروش.
-تعال، همست نجمة.
-ثمة السيبوز بيننا، اعتذر بوباي.
-تعال، تمبل هي من تأمرك.
-لا، قال بوباي، تعلمين أنه مستحيل.
-تعال، رددت نجمة  بصوت متعب، إنها تمبل من تأمرك.
-لا؛ أريد منك فقط أن تستحمي؛ سأنظر من هنا؛ سأكتفي بهذا؛ سأكون عند حسن ظنك...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات