محمد الحمامصي: أكدت الكاتبة الروائية أحلام مستغانمي في لقائها ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 35، إنه بات على الكتّاب العرب أن يتبادلوا الأدوار مع قرائهم، موضحة أن كل الذين هجّرتهم الحرب، وشتتهم الدمار، باتوا سادة السرد وأجدر بالكتابة، فليس للإبداع العظيم مصدر سوى الألم.
وقالت خلال اللقاء الذي أداره الإعلامي محمد ماجد السويدي "ما زال بإمكان كاتب أن يغير قدر قارئ أن يغدو طرفا في قرارته، وأن يهبه في زمن الخراب وطنا افتراضيا، وحضنا أدبيا يلجأ إليه، ويبحر نحوه على مراكب ورقية، مجذفا بقلم. كما يجذف آلاف المهاجرين نحو بر النجاة. في زمن الحروب والهجرات والمآسي الإنسانية، لا يمكن إنقاذ إنسان بإهدائه كتابا فحسب، بل بمنحه فرصة أن يكتب ألمه ويروي قصته. ففي ذلك وحده عزاؤه. على الكتاب العرب أن يقوموا بالعمل الإنساني الوحيد الذي في متناولهم، وأن يتبادلوا الأدوار مع قرائهم، وأن يفتحوا لهم قلبهم وصفحاتهم. وأن يغدوا رعاة الحلم وحماة جماليي الوهم بالنسبة لأناس لا يملكون سلطة الإسم بل سطوة الألم. ولا أعرف للإبداع العظيم من وقود إلا الوجع. نعم يمكن بالكتابة تغيير مسار الإنسانية، فالأشرار لا يكتبون".
ورأت "أن مهمة الأدب هي أيضاً المؤاساة، وفي ظل ما يجري في البلاد العربية لم أجد من خيار سوى أن أحوّل صفحتي على "الفيس بوك" التي تضم الملايين من أبناء الغربة إلى ورشة للكتابة، استقبل فيها نصوص القرّاء الذين قد يكونون كتاب الغد. فمنذ سنوات وأنا أحلم بنشر كتاب مع قرائي، فالكتابة نوع من الطب الوقائي، نشعر فيها أننا جميلون وأقوياء، فالأشرار لا يكتبون".
وأضافت "كنا نقول: إن الوطن العربي يمتد من البحر إلى البحر، إلى أن غدر بنا البحر وابتلع الكثير من العرب، وذلك لأننا اخترناه حدوداً لهويتنا، فرمى بِنَا البحر مشاريع دويلات إلى شواطئ التاريخ. فدعونا اليوم نعلن انتماءنا إلى جمهورية الكتب، حيث الوطن يمتد من الحبر إلى الحبر، إذ لا يمكن لمن يبحر صوب الحبر أن يعود بشباك فارغة، لأنه حتماً سيعود قارئاً حراً يصعب استعباده".
وأوضحت "في جمهورية الكتب القارئ حاكم مدى العمر، وبإمكانه أن يرفع أو يطيح بما شاء من أقلام، من دون أن يخرج في تظاهرة أو يُخل بالنظام".
وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أعادت إلى القارئ سلطته وجعلت الكتّاب متساوين أمام الشاشة الصغيرة، إذ بات القارئ هو الناقد الوحيد.
وحول كونها لم تصدر عملا روائيا خلال السنوات الأربع الماضية أكدت مستغانمي أن الكتابة فعل بقاء وتساءلت "كيف لك أن تبقي على أرض غير ثابتة وأن تكتب وكل شيء حولك يحترق؟ الأرض التي تقف عليها تبتلعك. بين كتابين تغير العالم. أبطال الروايات شاخوا وماتوا. البطولات لم تعد على ورق. الأطفال الذين يقطعون المسافات مشيا على الأقدام دون زاد غدوا الأبطال".
وقالت "ليس لهذا السبب وحده لم أصدر مند أربع سنوات رواية، بل أيضا لأنني أقف على الرمال المتحركة لعالم يتغير كل يوم، مشتتة، مترددة، أبدأ نصا عاطفيا، ولا أجرؤ على نشره والناس يموتون. وأكتب نصا سياسيا وأتوقف أكثر من مرة أثناء كتابته".
وأضافت: "أنا تائهة، لا أعرف لي وجهة أمضي صوبها، فكيف أقود إليها قرائي؟ لم أجد ما يختصر تيهنا، وأسئلتنا المضنية، وما تركه لنا الشاعر العراقي الراحل سركون بولص عنوانا لديوانه "الوصول إلى مدينة أين؟" فهل من يخبرني أين توجد مدينة أين؟ التي نحن نحوها ماضون؟ لا أعرف أين أمضي بمراكبي الورقية".
وتوقفت عند الدور الذي باتت تشكله الشارقة ثقافياً، بقولها: "لا يقاس معرض الشارقة الدولي للكتاب بالأرقام التي يحققها، بل بذلك الإحساس النادر الذي نصادفه على وجوه الزوار؛ إنه الشغف بالقراءة، الذي افتقدته الكثير من بلادنا العربية، فهذا الشغف يتجاوز الرغبة الفردية".
وتابعت: "تنازلت الشارقة عن سلطتها للكتاب، فحكم عليها الكتاب بالولع المؤبد، حيث نقل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة شغف القراءة إلى شعبه، فما عاد يمكن للشارقة أن تحجب حضورها على خريطة المحافل الآدبية في العالم".