: آخر تحديث

لولا انتهاكات حقوق الإنسان في إيران

1
1
1

خلال الفترة الأخيرة، سلطت الأوساط السياسية والإعلامية الدولية الضوء بكثافة واهتمام بالغ على القضايا المتعلقة بالنظام الإيراني، ولاسيما ملفه النووي وتدخلاته في شؤون المنطقة، وسعيه الدائم إلى إشعال الحروب وافتعال الأزمات. ولا غرابة في ذلك، فهاتان القضيتان من أعقد القضايا وأشدها خطورة على الأمن والسلام في المنطقة والعالم. غير أن هناك ملاحظة بالغة الأهمية تستوجب التنبيه، وهي أن التركيز المفرط على هذين الملفين جاء على حساب ملف آخر لا يقل خطورة، بل لعله الأشد تأثيرًا على طبيعة النظام نفسه، وهو ملف حقوق الإنسان في إيران، الذي يمكن اعتباره كعب أخيل هذا النظام.

لقد كان ملف حقوق الإنسان ولا يزال، وسيبقى، العامل الأهم والأخطر في بنية النظام الإيراني، إذ لولا اعتماده سياسة القمع المفرط وانتهاكاته الوحشية لحقوق الإنسان، ولاسيما في ما يتعلق بالإعدامات الجماعية العلنية وممارسة أبشع صنوف التعذيب في السجون، لما تمكن من المضي في تنفيذ مشاريعه المشبوهة التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

وقد كانت الخطوة الأولى للنظام نحو تنفيذ تلك المخططات هي ترسيخ نهج القمع الدموي داخل البلاد، من خلال انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان وتعليق أبناء الشعب الإيراني على أعواد المشانق في مشاهد مروعة تقشعر لها الأبدان. لقد أدرك هذا النظام أن شعبًا عريقًا ذا حضارة إنسانية عميقة الجذور لن يقبل بالانحراف عن المسار الحضاري والإنساني للعالم، لذلك عمد إلى استخدام الإرهاب الداخلي وسيلة لإخضاعه وضمان السيطرة عليه تمهيدًا لتمرير مشاريعه الخارجية.

أما الشعب الإيراني، الذي أغنى الإنسانية بإنجازاته في الأدب والفنون والعلوم وسائر ميادين الإبداع، فقد وجد نفسه في الألفية الثالثة ضحية لعقوبات تعود إلى عصور الظلام، مثل الرجم والجلد وبتر الأصابع وقطع الآذان وسمل العيون. وتزداد وحشية هذه الممارسات يومًا بعد يوم، إذ يكفي النظر إلى أعداد الإعدامات التي نفذت مؤخرًا ليتضح حجم الجريمة؛ فلم يشهد الإيرانيون مثيلًا لها منذ ما يزيد على ستة وثلاثين عامًا.

وقد تولت المقاومة الإيرانية عبء كشف هذا الملف الإنساني الجسيم أمام العالم، فكانت وراء صدور أكثر من سبعين قرار إدانة دولية ضد النظام الإيراني بسبب انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان. كما لعبت التقارير والمعلومات التي قدمتها المقاومة دورًا أساسيًا في تمكين المنظمات الدولية ووسائل الإعلام من توثيق تلك الجرائم. وكانت حملة "لا للإعدام"، التي أطلقتها السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الإيرانية، واحدة من أبرز المبادرات التي أحيت الوعي الشعبي داخل إيران وشجعت المجتمع الدولي على اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه جرائم النظام.

وفي سياق التحركات الدولية الداعمة لحقوق الإنسان في إيران، شهدت قاعة "تشيرتش هاوس" التاريخية في لندن يوم 11 تشرين الأول (أكتوبر) مؤتمرًا بارزًا ضمن فعاليات الأسبوع العالمي لمناهضة الإعدام، جرى خلاله الإعلان عن بيان وقعه أكثر من 520 شخصية سياسية وقانونية بارزة، من بينهم برلمانيون ووزراء سابقون من مختلف دول العالم، تحت عنوان "لا للإعدام، لا للإفلات من العقاب لمرتكبي مجزرة عام 1988 في إيران".

وخلال المؤتمر، أكدت البارونة أولون، عضوة مجلس اللوردات البريطاني، أن "تركيز النظام الإيراني على إعدام أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق بتهم ملفقة، يعكس خوفه من بديل ديمقراطي منظم قادر على قيادة الاحتجاجات نحو لحظة حاسمة للتغيير".

واختتم المؤتمر بدعوات واضحة لمحاكمة خامنئي وقادة النظام بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وبمطالبة المجتمع الدولي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، إلى جانب اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف موجة الإعدامات المتصاعدة في إيران.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.