: آخر تحديث

السعودية والعراق.. تناغم الأمن والتنمية

2
2
2

في زمن تتقلب فيه موازين القوى الإقليمية وتتجاذب فيه مصالح الدول وتحدياتها، يظهر التناغم بين السعودية والعراق كإشارة مضيئة على أفق السلام والاستقرار، وكدليل واضح على أن الحوار والتعاون لا يزالان خيارًا استراتيجيًا ثريًا بالفرص والتطلعات. لم يكن الاتصال الهاتفي بين دولة الرئيس محمد شياع السوداني وسمو ولي العهد السعودي حدثًا عابرًا، بل كان إعلانًا عن مرحلة جديدة من التعاون العميق، تتجاوز الفورية لتُرسخ مسارات تعاون مستقبلية في شتى المجالات.

هذا التناغم بين البلدين، الذي تجسد في ترحيب مشترك باتفاق وقف إطلاق النار، يؤكد على أن الأمن والتنمية في العراق والسعودية لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض. فالأمن الذي تنشده السعودية اليوم لا يتحقق بمعزل عن استقرار العراق، والعكس صحيح. إن العلاقة بين البلدين تمثل قلبًا نابضًا للمنطقة، يُعيد تشكيل خريطة التحالفات بناءً على مصالح مشتركة ورؤية استشرافية لتجاوز كل ما يهدد أمن شعوب المنطقة.

الاستقرار في العراق، الذي بات محط اهتمام القيادة السعودية، يحمل في طياته بعدًا استراتيجيًا يمتد إلى ما هو أبعد من الحدود الجغرافية. فالعراق بوابة المنطقة إلى تنمية شاملة، ومركز ثقافي وسياسي قادر على تحقيق توازن قوي في ساحات السياسة الإقليمية. لهذا، لا بد من دعم التناغم بين البلدين، والذي يتجلى اليوم ليس فقط في تبادل كلمات الدعم، بل في خطة عمل واضحة تشمل تعزيز الأمن المشترك، وتطوير البنى التحتية، وتنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة ذات أثر مباشر على حياة الشعوب.

الأمر لا يقف عند حد التعاون الأمني أو الاقتصادي، بل يمتد إلى تفاهمات سياسية تُبنى على الاحترام المتبادل وتوافق المصالح الوطنية. فتنسيق المواقف السياسية بين الرياض وبغداد في ملفات حساسة يعكس عمق الشراكة، ويعزز موقف المنطقة على خارطة السياسة العالمية. تلك الشراكة التي تزداد ترسخًا مع مرور الوقت، باتت نموذجًا يُحتذى به في تجاوز الخلافات التي طالما فرّقت بين دول الجوار.

لا يمكن إغفال دور الرياض في دعم جهود العراق في مكافحة التطرف، وتحقيق الاستقرار الداخلي، وتوفير مناخ سياسي يسمح بتطور الدولة الحديثة. وفي المقابل، تلتزم بغداد بالسعي لتعزيز الروابط الاقتصادية والاستثمارية مع السعودية، وهو ما يخلق حالة من التكامل التنموي الإقليمي، ويقود إلى فرص عمل جديدة، ونمو اقتصادي متصاعد، ينعكس على جميع طبقات المجتمع.

في ظل هذه المعطيات، تتحول السعودية والعراق إلى حلفاء استراتيجيين يشكلان قطبًا استقرارياً مهمًا في منطقة الشرق الأوسط، وركيزة أساسية لمواجهة الأزمات المتعددة التي تتقاذفها المنطقة. لا يقتصر الأمر على مجرد تقارب دبلوماسي أو تعاون عابر، بل هو تعميق لشراكة تاريخية تتطلب من الطرفين العمل المتواصل والحكيم لبناء مستقبل مستقر ومزدهر.

إن "السعودية والعراق.. تناغم الأمن والتنمية" ليس شعارًا فحسب، بل هو حقيقة تنبض بها السياسة والواقع، وهي رسالة أمل لشعوب المنطقة، بأن التعاون والتفاهم هما الطريق الحقيقي لتجاوز الصراعات، وأن المستقبل يُكتب بيد السلام والعمل المشترك، حيث لا مكان فيه للعنف أو الصراعات، بل لمن ينشدون بناء غدٍ أفضل ومستقر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.