: آخر تحديث

الكويت وأميركا ولغم التطبيع!

9
7
6

وحدهم الرافضون للتطبيع مع إسرائيل الذين يملكون حجة الرفض وقصتها، وروايتها من منظور عربي وإسلامي من دون تبرير الفزعة السياسية والدينية غير الطارئة أو غير المفاجأة مع حركة "حماس"، الجناح الفلسطيني لجماعة "الإخوان المسلمين".

الصورة بالنسبة للتطبيع تبدو خالية من التشويش ومليئة بالمبالغة لدى جمهور رافض للتطبيع مع إسرائيل، لكن صورة التطبيع الأميركية واضحة، والسيناريو دقيق في تفاصيله الزمنية وإطاره السياسي وكذلك أدوات المساومة والفرض بالقوة السياسية في آن واحد!

الموافقون على التطبيع العربي مع إسرائيل والمتفقون على المبدأ والتفاصيل من جانب الإدارة الأميركية الجديدة ورئيسها ترامب وفريقه الحزبي المؤيد، والأطراف الحزبية الأخرى في أميركا والعالم الغربي لهم رؤية واضحة المعالم بالنسبة لمسألة السلام في الشرق الأوسط والتطبيع.

والرافضون للتطبيع مع إسرائيل في الكويت، فلهم أكثر من حجة سياسية وقانونية وقوة من دون تقليل التأثير للجانب الديني، ودور الإسلام السياسي في الشارع الكويتي وفي منابر دور العبادة وخصوصا تنظيم جماعة "الإخوان المسلمين"، فهم جماعة تجيد استغلال الظروف والتطورات.

القراءة لردود الفعل بالكويت بعد الضجة الإعلامية الصاخبة لتصريح وزير التجارة الأميركي هاورد لوتنيك عن عملية التحرير، لم تكن قراءة هادئة، بل كانت شعبوية بالتحليل لدرجة مطالبة معتقل كويتي سابقاً في غوانتنامو، بفتح التحقيق بالغزو العراقي وعلاقة واشنطن فيه!

واقعنا الكويتي لم يحمل دلالات لرؤية علمية وسياسية حصيفة وقراءة براغماتية لسيناريو الرئيس ترامب بالنسبة للتطبيع مع إسرائيل والحلول العملية والتصورات المسبقة في حال كانت هناك فرص للتفاوض مع الإدارة الأميركية بشأن القضية الفلسطينية وحل الدولتين والتطبيع في آن واحد.

كيف يمكن معالجة أو مواجهة الجبهة الداخلية في الكويت في غياب مجلس الأمة في حال ارتأت الحكومة دراسة اتجاهات الرأي العام وتحليله؟ من الصعب الإجابة نيابة عن دوائر الحكومة السياسية، او التنبؤ بتصور معين وسيناريو محدد!

الشارع الكويتي، وهي حقيقة ثابتة، قاد الحكومة على مر عشرات العقود الماضية وليس العكس، للأسف الشديد، بسبب نفوذ التيار الإسلام السياسي وقوته من جهة، وتشرذم القوة السياسية الليبرالية والمدنية وتوغل وتغلغل الغوغائية في الشأن السياسي من جهة ثانية.

مناقشة حل الدولتين والتطبيع من حيث مبدأ الاستباقية بهدوء أمر صعب للغاية في ظل أجواء مشحونة سياسياً ودينياً واجتماعياً، لكن في المقابل الإدارة الأميركية لن تنتظر أربع سنوات -كما يبدو- حتى عودة مجلس الأمة وموافقته أو رفضه لمشروع التطبيع مع إسرائيل!

قبل التفكير بمبدأ مناقشة حل الدولتين مقابل التطبيع، لابد من عدم إغفال حقيقة أن الكويت وضعها مختلف تماماً عن باقي دول "التعاون الخليجي" بسبب قانون 1967 عن حالة "الحرب مع إسرائيل"، لذا تكون الكويت أكثر استهدافاً من أميركا...ربما!

ما يلوح في الأفق الأميركي أن مسألة التطبيع قادمة لا محالة، وأصبحت أكثر نضوجاً بملامحها، أما بالنسبة للكويت فالملامح غير واضحة، ومتشابكة، ولا يمكن تلمسها وحسمها بالوقت الحاضر، ولا يمكن إحصاء الرافض والموافق على حل الدولتين مقابل التطبيع!

الاشتباك بلغة الأرقام مع وزير التجارة الأميركي عن الكويت وتحريرها من الغزو ليس مفيداً، فالمغزى من التصريح إيصال رسالة ملغومة عن التطبيع كما تسعى إليه الإدارة الأميركية الجديدة، وقد وجب التفكير والتحليل في احتمالات السيناريو المقبل أو ربما المشهد الصادم! 

سفيرة الكويت لدى واشنطن، للأسف، استجابت للاشتباك المالي مع الوزير الأميركي باجتماع رسمي وقامت بالتصريح لوكالة "كونا" الكويتية، عن البيانات المتعلقة بالتحرير وقد بدى الدور الدبلوماسي نقل الانفعال والتشنج الشعبوي الكويتي، والأرقام كما وردت بالصحافة الكويتية ووسائل التواصل الاجتماعي!

خاطبت السفيرة الكويتية لدى الولايات المتحدة الأميركية الرأي العام الكويتي وانفعالاته، وليس الرأي العام الأميركي عبر وسائل الإعلام الأميركية ووسائل التواصل مع دوائر صناعة القرار في واشنطن، وهو تصرف لا يحسب للدبلوماسية الكويتية! 

ثمة دلالات سياسية لتصريح الوزير الأميركي غير مطمئنة وتعكس أولويات الرئيس ترامب ورؤيته تجاه الكويت، في حين تنحصر معظم الاهتمامات الكويتية في لغة الأرقام وتفنيدها، وتناسي أصحاب هذه الاهتمامات أن الرئيس الأميركي بارع في لغة الأرقام ويهوى مناقشتها، ويعشق انتصاراتها!

*إعلامي كويتي  


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.