: آخر تحديث
الرياض تخفض سعر البترول لعملائها في القارة العجوز

الصراع السعودي الايراني على حصص النفط ينتقل إلى أوروبا

314
314
312

أبلغت السعودية مستوردي النفط في أوروبا أنها قررت تخفيض أسعار صادراتها النفطية، في خطوة تشير إلى حدّة المنافسة مع إيران التي استطاعت تحقيق زيادة كبيرة في صادراتها منذ رفع العقوبات الدولية عنها.


نهاد إسماعيل من لندن: لا تزال أسعار النفط تخضع لتقلبات معتدلة اثر اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، الذي لم يتفق خلاله الأعضاء على سقف للإنتاج، رغم النظر إلى ذلك الإجتماع على أنه كان إيجابياً، نظراً لتعهد المملكة العربية السعودية بعدم إغراق السوق بالمزيد من الخام.

تعنّت إيراني

كما بات معروفًا، فشلت "أوبك" في التوافق على استراتيجية واضحة للإنتاج خلال الاجتماع الذي عقد في الثاني من يونيو في فيينا، حيث لا تزال ايران تصر على رفع إنتاجها لاستعادة الحصة السوقية التي فقدتها خلال سنوات العقوبات التي انتهت اوائل هذا العام.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحافيين إنهم "سينتهجون أسلوباً ناعمًا وسيحرصون على عدم التسبب في صدمة للسوق بأي شكل". وعاد الفالح ليؤكد أن بلاده ستستمع لأي مقترحات ستضعها إيران على طاولة الاجتماع.

ونتيجة لذلك، ارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة فوق 50 دولاراً للبرميل، في الأيام التي تبعت الاجتماع ثم تراجعت قليلاً ولكنها تتأرجح الآن بين 48 و50 دولاراً للبرميل.

الموقف الايراني ليس جديدًا، بل عادت ايران لتكرر موقفها من إنتاج النفط الخام في السوق العالمية، ومدافعة عمّا وصفته بالحق في استعادة حصتها في السوق دون أن تبدي أية مرونة تجاه متطلبات أسواق الإنتاج.

ويعتقد المراقبون أن ايران بحاجة ماسة للسيولة النقدية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد والحاجة الماسة لتمويل الصراعات الاقليمية في سوريا ولبنان والعراق واليمن من خلال الميليشيات الطائفية العاملة في العراق وسوريا، وعلى رأسها حزب الله والحوثيون في اليمن.

وتنتج أوبك حاليًا بحدود 32.50 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمنح إيران حصة قدرها 4.7 ملايين برميل يوميًا، أي أعلى كثيرًا من مستوى إنتاجها الحالي، البالغ 3.8 ملايين برميل يوميًا وفقًا لتقديرات إيران، و3.5 ملايين برميل يوميًا وفقًا لتقديرات السوق.

ونتذكر جيدا انه خلال اجتماع أوبك السابق في ديسمبر 2015 سمحت المنظمة فعليًا لأعضائها بضخ كميات من الخام كل بحسب مقدرته ورغبته، مما أدى الى تهاوي الأسعار إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل في يناير، مسجلة أدنى مستوى لها في أكثر من 10 سنوات، لكنها تعافت بعد ذلك لتصل إلى نحو 50 دولاراً للبرميل، بفعل عدة عوامل جيو سياسية وحرائق في كندا وتراجع انتاج الزيت الصخري وتقلص المخزونات الأميركية.

خطوة سعودية استباقية في اوروبا

وفي تطور ملحوظ قالت صحيفة الوول ستريت جورنال الاثنين 5 يونيو إن المملكة العربية السعودية قررت تخفيض أسعار صادراتها النفطية إلى أوروبا، في إشارة قوية على حدة المنافسة مع إيران التي استطاعت تحقيق زيادة كبيرة في صادراتها منذ رفع العقوبات الدولية عنها.

وبحسب الصحيفة الأميركية، الاثنين، فإن شركة النفط السعودية "أرامكو"، بعثت رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى عملائها في أوروبا تعلن فيها خفض أسعار صادراتها من النفط الخام الخفيف إلى شمال غرب أوروبا بحوالى 35 سنتًا للبرميل، بينما تم تخفيضها بحوالى 10 سنتات إلى دول منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وجاءت الخطوة مفاجئة، بالنظر إلى تنامي الطلب في الجزء الثاني من العام، حيث انتهاء صيانة المصافي النفطية، بالإضافة إلى انتعاش العديد من الأسواق جراء توقف إنتاج بعض الدول الأخرى مثل نيجيريا.

وتشير الصحيفة إلى أن خطوة المملكة العربية السعودية تأتي بعد فشل الدول الأعضاء في "الأوبك"، الموافقة حول خفض سقف الإنتاج اليومي من النفط. وتضيف أن غياب سقف الإنتاج يقدم فرصًا لكل من السعودية وإيران، العضوين الأكثر تنافسًا، لحرية ضخ النفط بمستويات فائضة.

صراع سعودي إيراني 

ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها السعودية بتخفيض الأسعار للحفاظ على حصتها في السوق، والتي يفسرها بعض الخبراء انها تأتي على خلفية الصراع على الحصص بين ايران والسعودية.

ففي يناير 2016، خفضت السعودية اسعار النفط الخام المخصص لأوروبا ابتداء من شهر فبراير، بينما رفعتها بالنسبة الى آسيا، بحسب ما اعلنت شركة النفط الوطنية، مع مواصلة المملكة سعيها الى ضمان حصتها في سوق النفط العالمية.

وأتت الخطوة السعودية مع استعداد خصمها الاقليمي ايران لبدء تصدير النفط عندما ترفع عنها العقوبات الاقتصادية بموجب الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى. 

وتشير التقارير الأخيرة الى أن الخطوة السعودية لتخفيض أسعار نفطها المصدَّر إلى أوروبا فيما رفعت أسعار النفط المصدر الى الولايات المتحدة وآسيا، تهدف في الأساس لحماية حصة المملكة العربية السعودية في السوق العالمية، وخاصة بعد عودة إيران إلى السوق وارتفاع صادراتها النفطية.

قالت شركة ارامكو السعودية إن أسعار نفطها الخفيف إلى شمال غرب أوروبا لشهر يوليو ستُخفض بواقع 35 سنتًا للبرميل في حين ان اسعار صادراتها الى منطقة البحر المتوسط ستُخفض بواقع 10 سنتات للبرميل.

وسترتفع اسعار النفط السعودي الخفيف للمستوردين الآسيويين في يوليو بواقع 35 سنتاً، فيما كانت التوقعات تقدر التخفيض ما بين 25 الى 50 سنتاً للبرميل.

وبالنسبة إلى أسعار يوليو سترتفع صادرات النفط السعودي الخفيف الى الولايات المتحدة بواقع 20 سنتاً للبرميل، في حين ان سعر النفط فائق الخفة سينخفض 30 سنتًا للبرميل.

ويأتي خفض اسعار الصادرات النفطية السعودية الى اوروبا بعد رفض ايران مقترح السعودية وضع سقف لانتاج اوبك خلال اجتماع المنظمة الأخير بدعوى ان السقف يحدد انتاجها في وقت ما زالت صناعتها النفطية تحاول رفعه الى مستواه قبل العقوبات الدولية.

واصبحت اوروبا الساحة الرئيسة لجهود السعودية الرامية إلى الحفاظ على حصتها من السوق في مواجهة المنافسة الإيرانية، ولا سيما ان طهران تخطط لزيادة صادراتها إلى البلدان الأوروبية من نحو 400 الف برميل في اليوم الى 700 الف برميل في غضون أشهر، محاولة استعادة الأسواق التي فقدتها منذ فرض الحظر الاوروبي على استيراد النفط الايراني في عام 2007.

ومن وجهة نظر خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، فإن السوق النفطية تبلي بلاء حسنًا، وتتجه للتعافي، وأن أسعار النفط ستتحرك وفقاً لاستعادة السوق توازنها. حيث قال في اجتماع فينا الأخير، "نريد استقرار السوق وتشجيع الاستثمارات على المدى الطويل، وأن تراجع الاستثمارات وتأثير ذلك على الإمدادات مصدر قلق لنا، ولابد من مواجهة الأمر". 

وأكد أن السعودية ستقتنص حصة أكبر في السوق مع نمو الطلب العالمي، وأن أسعار النفط ستصل إلى مستوى صحي. وأشار إلى أن المستويات المرتفعة لأسعار النفط في العقد الماضي لم تكن قابلة للاستمرار، لأنها لم تكن مستدامة.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد