باريس : لم تأتِ رحلة بودو غليمت النروجي التاريخية إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم (يوروبا ليغ) بالصدفة، بل هي ثمرة أعوام من التحضير.
سيصبح النادي القادم من شمال الدائرة القطبية الشمالية، الخميس، أول فريق نروجي يخوض الدور نصف النهائي من مسابقة أوروبية كبرى عندما يلتقي توتنهام الانكليزي في لقاء الذهاب.
يعد هذا الانجاز مذهلا بالنسبة للفريق الآتي من مدينة لا يتعدى سكانها الـ 50 ألف نسمة، والواقعة على بعد 1200 كلم أو مسافة 16 ساعة على الطريق شمال العاصمة أوسلو.
أصبحت هذه البقعة الجغرافية التي كان يُنظر إليها أنها متجمدة، مكانا ثابتا في عالم كرة القدم الأوروبية، بفضل أداء فريق كجيتيل كنوتسن على مدار السنوات الست الماضية.
في 17 نيسان/أبريل، حقق بودو غليمت، وغليمت هي كلمة نروجية تعني "الوميض"، أكبر نتائجه على الاطلاق، عندما هزم لاتسيو الايطالي بركلات الترجيح في روما في طريقه لبلوغ نصف نهائي المسابقة القارية الرديفة لدوري الأبطال.
سبق له أن فاز على أرضه 2 0 في مواجهة الذهاب بفضل هدفي أولريك سالتنيس، وجاء ذلك بعد ان أزيلت الثلوج المتكدسة على ملعبه "أسبميرا" الذي يتسع لـ 8200 مشجع فقط.
ومن ثم صمد أمام عاصفة لاتسيو إيابا بعد أسبوع واحد (1 3)، ليتأهل عبر ركلات الترجيح ويضرب موعدا مع توتنهام المأزوم في الدور قبل النهائي.
يمر سبيرز بمحنة كبيرة هذا الموسم في الدوري الإنكليزي على الرغم من كونه احتل العام الماضي المركز التاسع في قائمة أغنى ناد في العالم بمقدار 702 مليون دولار أميركي بحسب شركة التدقيق ديلويت.
في المقابل، لم تتعد عائدات نادي بودو غليمت سوى 68 مليون دولار أميركي العام الماضي، بعدما لم تكن أكثر من 4.77 ملايين في عام 2017، وفقا لما قاله الرئيس التنفيذي للنادي فرودي توماسن لموقع "كالتشو إي فينانتسا".
وشرح "لقد انتقل النادي من كونه فريقا صغيرا في الدرجة الثانية في النروج ليملك على الأرجح أقوى منصة مالية في البلاد خلال السنوات السبع أو الثماني الماضية".
في عام 2017، صعد الفريق إلى دوري الدرجة الأولى في النروج المعروف بتسمية "أيليتزيرين" وهي مسابقة هيمن عليها طوال ثلاثة عقود من الزمن نادي روزنبورغ.
استقرار من دون نجوم
حل بودو غليمت وصيفا للدوري في عام 2019 قبل أن يظفر باللقب للمرة الأولى في 2020. توج بعدها باللقب في أربعة من المواسم الخمسة الماضية.
بات مذاك الحين ثابتا في المسابقات القارية تحت قيادة كنوتسن الذي قاده الى ربع نهائي مسابقة كونفرنس ليغ عام 2022، عندما هزم آنذاك فريق روما تحت قيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو 6 1 في دور المجموعات، قبل أن يُقصي سلتيك الاسكتلندي.
سعى الفريق ثلاث مرات، دون أن يُكتب له النجاح، لتجاوز مرحلة التصفيات في دوري أبطال أوروبا، لكنه خاض مواجهات لافتة أمام كل من أرسنال ومانشستر يونايتد الإنكليزيين، وأياكس الهولندي.
وببلوغه المربع الذهبي، تفوق على الانجاز الذي سبق أن حققه مواطنه روزنبورغ ببلوغه ربع نهائي دوري الابطال عام 1997.
وقال كنوتسن بعد إقصاء لاتسيو "لا أؤمن بالمعجزات، اؤمن برحلتنا".
تولى كنوتسن (56 عاما) قيادة الفريق في بداية العام 2018، بعد أن تم ترفيعه من منصب مساعد المدرب، ما يعني أنه كان موجودا طوال فترة سبعة أعوام من النجاح.
يُعد أبرز لاعبي الفريق المهاجم الدنماركي كاسبر هوغ ولاعب الوسط المخضرم سالتنيس الذي أمضى مسيرته كاملة في النادي.
أما اللاعبون الآخرون، فاختار بعضهم العودة على غرار الجناح النروجي الدولي ينس بيتر هوغي الذي انتقل الى ميلان الايطالي في عام 2020 قبل ان يفوز مع أينتراخت فرانكفورت الالماني بمسابقة الدوري الأوروبي في 2022، ليعود الى فريقه الاول العام الماضي.
كذلك، عاد لاعب الوسط باتريك برغ الذي سبق أن لعب والده وأعمامه لنادي بودو غليمت، بعد تجربة مع لنس الفرنسي في عام 2022.
قد لا يتمتع بصفة فريق نجوم، لكنه حقق نجاحات لافتة من خلال أداء جماعي ثابت مع مدرب مر على وجوده سنوات عدة.
وقال توماسن لصحيفة "كالتشيو إي فينانسا": "ينصب تركيزنا الاساسي على الأداء، لا على بيع اللاعبين".
وأضاف "لقد أصبح ذلك ممكنا بفضل الدعم المالي من مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم... التي أصبحت مصيرية لتطور النادي على المدى الطويل".
جنى النادي جراء وصوله الى نصف النهائي حوالى 20 مليون يورو، في الوقت الذي يستعد فيه للانتقال الى ملعب جديد "أركتيك أرينا" الذي تبلغ سعته 10 آلاف، بحلول عام2027.