تونس: لاعبة المضرب التونسية أُنس جابر التي باتت أول العرب وأول أفريقية في حقبة الاحتراف تبلغ نهائي بطولة كبرى بتأهلها الى المباراة النهائية لبطولة ويمبلدون الإنكليزية، تسلقت القمة بسرعة في غضون عامين، وتبقى فخورة بتونس، وطنها وبلد نشأتها.
لا يحيد تركيز التونسية البالغة 27 عاماً عن مسارها الذي رسمته بانضباط وبارتباط وثيق ببلدها تونس الذي تفتخر بتمثيله.
لقيت التونسية إشادات عدة بإنجازاتها من قبل لاعبين كبار في كرة المضرب على غرار السويسري روجيه فيدرر والبريطاني أندي موراي والأميركية المصنّفة أولى عالمياً سابقاً بيلي جين كينغ.
ورغم تألقها أمام لاعبات من الطراز الأول وبلوغها ترتيباً متقدماً وثقتها الكبيرة التي تلازمها، ظلت اللاعبة وفيّة إلى مكان نشأتها.
وعبّرت الخميس اثر فوزها على الألمانية تاتيانا ماريا بشوطين لشوط، عن فخرها "لكوني امرأة تونسية تقف اليوم هنا...أحاول فقط الإلهام قدر ما استطعت". .
"موسيقى تونسية في الملعب"
ففي حوار سابق مع وكالة فرانس برس في تونس قبل انطلاق الألعاب الأولمبية في طوكيو الصيف الماضي، أكدت "دائما ما أقول لا شيئ صعباً، يجب العمل والتعويل على الذات والإيمان بالقدرات".
ولفتت "أتحمل مسؤولية توقعات المتابعين لي، ليس فقط من تونس ولكن العرب وأفريقيا كذلك. هذا فخر لي بأن أشرّفهم".
وفي مبادرة منها قامت خلال شهر تمّوز/يوليو 2021، ببيع مضربيها في المزاد العلني لشراء معدات طبية ومساعدة المستشفيات في بلادها التي شهدت موجة "تسونامي" من وباء كوفيد 19.
وأعلنت جابر مع انطلاق بطولة ويمبلدون ان الشركة الراعية لها قرّرت تخصيص مبلغ قيمته 100 يورو عن كلّ كرة ساقطة تنجح في تسديدها، لترميم واعادة تهيئة مدارس ومعاهد في محافظات مهمّشة في شمال غرب تونس.
يعرف عنها جرأة وصرامة في اللعب ولا تتردّد في أن تتوقف عن اللعب في المباراة لتطلب من أحد المشجعين التزام الصمت لتتمكن من التركيز.
وصمّمت شركة المستلزمات الرياضية "لوتو" قميصا خاصا بها كُتب عليه "يلّا حبيبي" في اشارة إلى أن اللاعبة "مصدر إلهام للآخرين"، على ما نشرت في صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي.
مرحة وتسعى دائما إلى التعليق بطريقتها الخاصة، حيث تملك جرأة لطلب الاستماع إلى ايقاعات وأغاني تونسية بعد كل مباراة انتصرت فيها خلال دورة برلين التي أحرزت لقبها الشهر الفائت. وتفاعل معها المسؤول عن التنشيط في الملعب وبث لها خصيصا مقطعا من أغنية لفنان الراب التونسي "بلطي".
كثيرة النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي وتنشر مقاطع فيديو وصور لجزء من حياتها العائلية الخاصة مع زوجها المعد البدني كريم كمّون وكذلك باحتفالها بانتصاراتها بعد كل دورة.
"ملكة الـ"دروب شوت"
كانت بداية أنس في محافظة سوسة الساحلية شرق البلاد في ملاعب على ملك فنادق في المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب "نادي حمّام سوسة" في ذات المحافظة.
حينها اكتشف مدربها نبيل مليكة موهبة فريدة بشخصية "تحاول ان تكون المتميزة" على بقية رفاقها من البنات والأولاد كذلك.
بدأت تشد الأنظار نحوها خلال بطولة أستراليا المفتوحة في العام 2020 (78 عالمياً) وكانت أوّل لاعبة عربية تتأهل لأول مرة لربع النهائي في بطولة "غراند سلام".
وفي حزيران/يونيو 2021 (24 عالمياً)، فازت بدورة برمنغهام لتكون تبعاً لذلك أوّل لاعبة مغاربية تحقق هذا الإنجاز.
شيئا فشيئا حصدت التونسية المتحدرة من مدينة قصر هلال الساحلية (شرق) "تجربة وثقة والعديد من اللاعبات أصبحت تخشين مواجهتي" في تقديرها.
وُلدت أنس أو "وزيرة السعادة" كما يلقّبها التونسيون في مدينة قصر هلال، في 28 آب/أغسطس 1994، في عائلة تتكون من شابين وفتاتين هي أصغرهم.
وانطلقت في لعب كرة المضرب منذ الصغر في مدينة حمّام سوسة (شرق). بدأت خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة كرة المضرب في المدرسة مع مدربها آنذاك نبيل مليكة.
انتقلت جابر في سن الثانية عشرة إلى العاصمة تونس للتدرّب في المعهد الرياضي بالمنزه (حكومي يضم نخبة الرياضيين) لتبدأ مشواراً جديدا في حياتها.
يبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى. هي متزوجة منذ عام 2015 من لاعب المبارزة السابق ومعدها البدني حالياً كريم كمّون.