ابوظبي : بعد الفوضى والارتباك في اللفة الأخيرة من سباق جائزة أبو ظبي الكبرى الأحد على حلبة مرسى ياس، الجولة الختامية من بطولة العالم للفورمولا التي شهدت فوز الهولندي ماكس فرستابن بأول لقب عالمي في مسيرته، تُطرح العديد من الأسئلة حول الخاسر البريطاني لويس هاميلتون.
تصدر سائق مرسيدس بطل العالم سبع مرات بينها الأعوام الأربعة الأخيرة، السباق لفترة طويلة وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق إنجاز غير مسبوق بفوزه بالتاج العالمي للمرة الثامنة في مسيرته الاحترافية، وفك ارتباطه مع الاسطورة الألماني ميكايل شوماخر، إلا انه لمس المجد بأطراف أصابعه من دون أن ينقض عليه.
103 انتصار
يدرك "السير" هاميلتون، ابن الـ 36 عاماً والذي يعيش الفصول الأخيرة من مسيرته، مرارة صعوبة إضافة كل عام، المزيد من الانتصارات إلى سجله المثقل بـ103 انتصارات والعدد نفسه من الانطلاقات من المركز الأوّل، خصوصاً مع دخول الفئة الاولى مرحلة جديدة مع جيل جديد لسيارات المقعد الأحادي ووصول زميل جديد بشخص مواطنه الشاب جورج راسل بدلاً من الفنلندي فالتيري بوتاس.
لم تلم جماهير الفورمولا واحد هاميلتون عندما شاهدته وهو يحزم حقائبه ويغادر "مسرح" البطولة العالمية سريعاً بعدما هنأ فيرستابن على فوزه وامتثل لمراسم التتويج، ومع ذلك من المؤكد أن البريطاني سيعود في الموسم المقبل بعزم أكبر من أي وقت مضى لكتابة التاريخ مع لقب ثامن.
سيبقى هاميلتون على حلبات الفورمولا واحد لمدة عامين على الأقل، عقب تمديد عقده مع مرسيدس المتوج بلقب الصانعين للمرة الثامنة توالياً، في حين أوضحت مصادر مقربة منه وعائلته الإثنين أن "السير" سيمدد مسيرته إلى الموسم السادس عشر.
قدّم هاميلتون على حلبة مرسى ياس عرضاً خالياً من العيوب وتقدّم بفارق 11 ثانية عن "ماد ماكس" قبل أن يتدخل القدر بدفعة من سائق وليامس مرسيدس الكندي نيكولاس لاتيفي الذي تعرض لحادث في اللفة 50 من أصل 58، استتبع دخول سيارة الأمان، حيث باتت بقية القصة معروفة بعد سلسلة من الأحداث وقرارات مدير السباق مايكل ماسي، ما ترك هاميلتون بمفرده يواجه ما قيل انه سباق آخر مصيري "تم التلاعب به" مع اطاراته المنهكة... رغم كل ذلك أثبت البريطاني أنه ما زال السائق الذي يخشاه الجميع.
لا يبدو أن مرسيدس يرغب بالاستغناء عن هاميلتون، وذلك بفضل خبرته الرياضية والتقنية الكبيرة التي راكمها عبر الأعوام، وقيمته بالنسبة لفريق "الأسهم الفضيّة" كسائق وكسلعة تسويقية على حد سواء، وقيمته العالمية للفئة الملكة مع توسع الأعمال الرياضية بسرعة في قارة أميركا وتشريع أبواب أسواق جديدة، اضافة إلى جذبه لجماهير جديدة في مختلف أنحاء العالم.
"تم التلاعب به"
لكن كل ذلك، إضافة إلى راتبه الخيالي لعام إضافي، سيكون في الدرجة الثانية من حيث الأهمية بالنسبة لسائق ما زال يملك في أعماقه رغبة شرسة بالعودة إلى الحلبات للتنافس مجدداً بمواجهة "ذئاب" متعطشة بدورها للألقاب، وتحديداً البطل الجديد فيرستابن ابن الـ24 عاماً، من خلال التواجد عند خط انطلاق سباق جائزة البحرين الكبرى في آذار/مارس 2022.
قال فيرستابن بعد فوزه باللقب العالمي إنه "شعر" بهاميلتون.
وأضاف أوّل سائق هولندي يتوج عنقه بالغار "فعل كل شيء بشكل صحيح طوال السباق، ولكن يمكن أن تكون الفورمولا واحد غير متوقعة... لويس رياضي عظيم، وسيعود مرة أخرى أقوى لأنه سائق رائع".
يشكّل الإحساس بالقتال ضد الصعاب عند هاميلتون سمة ثابتة، ليس فقط في مسيرته ولكن خلال حياته أيضاً، في حين عبّر شقيقه نيكولاس في صفحته على "إنستغرام" الإثنين عما حصل في أبو ظبي، ليعلن أن شقيقه هو "البطل الحقيقي" وإن الهيئة الحاكمة للرياضة أي الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" خالف قوانينه الخاصة، وهو ما كان "وصمة عار لرياضتنا بأكملها".
وأضاف "إثبات خطأ الناس هو في حمضنا النووي، وهو ما يقوم به لويس يومياً".
إحساسٌ بالظلم
من ناحيته، كشف هاميلتون عن إحساسه بالظلم الذي رافقه في فترات من حياته عندما كان في كثير من الأحيان ضحية لانتهاكات عنصرية، لفترة وجيزة خلال سباق الأحد: قبل أربعة منعطفات من نهاية السباق، وعقب تجاوزه من قبل فيرستابن مع اطارات ناعمة جديدة، صرخ سائق مرسيدس عبر الراديو مجيباً فريقه "لقد تم التلاعب به (السباق)".
لم تُبث هذه الرسالة خلال النقل المباشر من قبل القنوات التلفزيونية العالمية، لكن حصل ذلك على قناة الفورمولا واحد "أف1 تي في".
لاحقاً، سيطر هاميلتون على خيبة أمله وسارع لتهنئة فيرستابن وعائلته وفريق ريد بول في دلالة على روحه الرياضية، بحسب ما قاله الاسكتلندي ديفيد كولتارد وصيف بطل العالم عام 2001 لإذاعة "بي بي سي"، معتبراً أن ما قام به "أوضح سبب فوزه بلقب بطل العالم سبع مرات".
وتابع "إنه ظاهرة ورياضي رائع. هو مثال رائع للرياضيين والرياضيات حول كيفية التعامل مع الهزيمة".
ومع بلوغه سن الـ37 عاماً في السابع من كانون الثاني/يناير 2022، لن يكون هاميلتون عميد السائقين في العام المقبل، حيث يتقدم عليه بطل العالم مرتين وزميله السابق في ماكلارين الاسباني فرناندو ألونسو الذي سيبلغ 41 عاماً في حزيران/يونيو المقبل.
وفي حال نجح هاميلتون في الفوز باللقب العام المقبل، فسيكون الأكبر تتويجاً منذ 29 عامًا، وتحديداً منذ فوز الفرنسي ألن بروست بلقبه الرابع في سن الـ38 عامًا في 1993، بعد عام من فوز البريطاني نايجل مانسيل بلقبه الوحيد في عام 1992 عن 39 عامًا.
من قبيل الصدفة، عندما فاز ألونسو بأول لقب له عام 2005، أنهى حقبة سيطرة "البارون الأحمر" شوماخر. كان هذا الأخير، على غرار هاميلتون، يبلغ 36 عامًا وكان قد توج باللقب سبع مرات.