الدربي بين المولودية الشعبية الجزائرية واتحاد الجزائر من اكبر المباريات التي تشد انظار عشاق كرة القدم، نظرا للتاريخ الطويل للناديين منذ المشاركة في النضال الوطني من اجل الاستقلال وحتى المباراة رقم 100 بينهما المقررة الخميس.
بين باب الوادي، الحي الذي كان يسكنه الأوروبيون في عهد الاستعمار (1830-1962) ومعقل مولودية الجزائر، وسوسطارة، الحي العتيق بقصبة الجزائر، لا يمكن التفريق بين مناصري الناديين، فهم اما جيران او من اسرة واحدة.
لكن انصار المولودية منتشرون في كل ارجاء البلاد. ومن كثرتهم أطلق عليهم اسم "الشناوة" اي الصينيين، بينما انصار اتحاد العاصمة يتمركزون في بعض الاحياء واغلبهم من سكان القصبة الذين غادروا حيهم لمساكن جديدة.
وبدأ الصراع بين الناديين منذ انشاء "الاتحاد الرياضي الاسلامي لمدينة الجزائر" سنة 1937 اي 16 سنة بعد انشاء مولودية (نسبة لمولد النبي محمد) الجزائر في 1921.
ويقول أنصار المولودية أنهم هم من أنشأوا الاتحاد وساعدوا جيرانهم لتكوين الملف الاداري لتقديمه لدى السلطات الاستعمارية.
ويروي رئيس نادي الهواة لمولودية الجزائر مسعود تركي ان "هناك طقوسا في الاسبوع الذي يسبق الدربي، فلا احد يكلم الاخر لمدة اسبوع، وبعد اللقاء تعود الامور الى مجراها الطبيعي مع قليل من السخرية من الخاسر".
ومن الطرائف في الناديين ان "الاخوين حسن وكمال طاهير كانا يلعبان في الفترة نفسها خلال السبعينات، الأول مهاجم للمولودية والثاني حارسا للاتحاد، وعندما يفوز حسن طاهير على اخيه لا يبيت ليلته في المنزل العائلي".
ويروي سيد علي حاج علي البالغ 68 سنة انه لم يشهد "طيلة حياته أي شجار بين مناصري الفريقين".
وقال "انا أناصر الاتحاد واخي يناصر المولودية، والفائز في الدربي يقيم مأدبة عشاء للاخر. كيف يمكنني ان اتشاجر مع شقيقي وهو يعيش معي طيلة السنة؟".
لكن هناك أنصار "متطرفون" مثل محمد زرقاوي الذي قارب الستين من العمر ويفتخر بأن "عائلته كلها من مناصري الاتحاد، ولا يوجد في شجرته العائلية اي مناصر للمولودية".
أما أمير مدور (ستيني) فقد وصل به الأمر الى حد منع أولاده من التواصل مع افراد عائلة زوجته المناصرين للمولودية "حتى لا يتأثروا بهم".
ويقول "حقا توجد عائلات منقسمة بين المولودية والاتحاد، لكنني انا شخصيا لم اسمح بهذا في عائلتي. فلما لاحظت ان ابني بدأ يتأثر بعائلة زوجتي المناصرة للمولودية قررت ان لا ادعه يمكث عندهم كثيرا".
ويتجلى التنافس في الاعلام ايضا. فبينما يقول انصار المولودية انهم اختاروا اللونين الاخضر والاحمر، لوني الحركة الوطنية التي كانت تناضل من اجل الاستقلال، يرد انصار الاتحاد ان لونهم الاحمر يرمز الى دم الجزائريين ضحايا الاستعمار، وانهم اضافوا اللون الاسود بعد احداث 1945 التي قتل فيها الاف الجزائريين على يد الجيش الفرنسي.
- مقابلة الموسم -
ولد الدربي خلال الفترة الاستعمارية في الموسم الرياضي 1940-1941 عندما كانت كرة القدم محتكرة من أقلية من الجزائريين. وبالنسبة الى الفريقين، يعتبر الدربي مقابلة الموسم، ولا يجوز الانهزام فيها.
وبالنسبة لمسعود تركي، "بمجرد صدور روزنامة الدوري، يبحث الانصار مباشرة عن يوم لقاء اتحاد العاصمة، لأنها مباراة الموسم بالنسبة لنا".
وتركز حوالى عشر صحف يومية متخصصة فقط في كرة القدم كل صفحاتها خلال الاسبوع الذي يسبق الدربي للقاء، وتنقل تصريحات المدربين واللاعبين، ولسانهم لا ينطق سوى ب"علينا الفوز".
ويجري الدربي المائة بين الفريقين الخميس امام مدرجات فارغة، لان رابطة كرة القدم عاقبت جمهور المولودية بان منعتهم من حضور اللقاء "بسبب التصرف غير الرياضي" في لقاء سابق.
وبالنسبة لجمهور كرة القدم، فان "الرابطة قتلت الدربي"، كما عنونت صحيفة "المجاهد" الحكومية أخيرا، وهي تذكر بالعرس الكبير الذي صنعه ستون ألف متفرج في ملعب 5 جويلية (يوليو) الموسم الماضي بمناسبة الدربي رقم 99 وانتهى بالتعادل 2-2.