: آخر تحديث

"أسلمة" دولة مسلمة!

18
18
13
مواضيع ذات صلة

لم يكن مستغرباً معاودة نواب التيار الديني المتشدد في مجلس الأمة الكويتي، البرلمان، المحاولة تبني مشروع "أسلمة القوانين" وتعديل أحد مواد دستور الدولة، وإنما الغريب الأغرب استمرار صمت غالبية النواب الأخرين الذين يدعون كلاماً فقط الدفاع عن الدولة المدنية!

لقد باتت الشهية السياسية للتيار البرلماني الديني المتشدد أكثر حماساً واندفاعاً مؤخراً نحو إعادة المحاولة بتقديم مشروع قانون "أسلمة القوانين" بعد تلاقي نحو 20 نائباً لتعديل نص المادة 79 الدستورية بشأن المصادقة على القوانين من قبل الأمير والمجلس.
تحفز مجدداً نواب التيار الديني المتزمت اجتماعياً والمتشدد دينياً بمجلس الأمة لتقديم مشروع "أسلمة القوانيين وفق الشريعة الإسلامية" بعد فشل مشروعهم في عام 2012، فالطريق ليس وعراً أمامهم حين تصمت الحكومات عن هذا الطرح الممنهج ونواب الأمة الأخرين أيضاً. 

العلة السياسية، بلا شك، في تواري عدد كبير من النواب عن مشهد المواجهة المدنية مع التيار الديني المتشدد خلف حسابات انتخابية فضلا عن غياب الدور الضاغط للقوى المدنية على النواب الذين وصلوا إلى المجلس بتأييدها حفاظاً على هوية المجتمع المدني. 
من المهم بمكان أن يكون للحكومة موقفاً صلباً ضد الغوغائية السياسية التي تستهدف الوعاء المدني للدولة، أي الدستور، فالتعديلات على مواد الدستور بشكل يخالف نصوصه يمكن أن يمتد إلى مواد دستورية أخرى.

إن أي تعديلات على الدستور قد تكون نتيجته المؤسفة استحسان البعض مناقشة المادة الرابعة من الدستور التي تنص على "الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح" في ظل تجاذبات سياسية شتى، وهو ما لا نتمناه اطلاقاً.
وثمة حجة دستورية غير قابلة للتأويل وهي المادة رقم 2 التي تنص على "دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، وهي حجة يجب على السلطة التمسك فيها بوجه دعوات لا مبرر لها اجتماعياً وسياسياً بالنسبة للمقترح بتعديل المادة 79.

ولا ينبغي أن تكون التعديلات الدستورية إلا "لمزيد من ضمانات الحرية والمساواة" وفقاً للدستور وليس العكس، أي الرجوع إلى الوراء عقوداً من الزمن وتشويه مكتسبات تاريخية لعبت دوراً في تطور الدولة سياسياً والتي توجت، قبل سنوات، بمنح المرأة الحقوق السياسية. 
بلا شك أن الصمت الرسمي سيقود إلى صدام اجتماعي، بل مجزرة اجتماعية بين تيار ديني متشدد وأخر مدني فضلا عن صدام بين تيارات فكرية مستنيرة وأخرى متورمة بالتخلف الاجتماعي تسعى إلى الوثب نحو وأد الحريات التي كفلها دستور الدولة! 

إننا كشعب أمام مسؤوليات مشتركة مع السلطة ومؤسسات المجتمع المدني والتيارات السياسية الداعمة للدولة المدنية بغاية المحافظة على دستور الكويت، فمن غير المعقول أن يتجدد الدخول في دوامة الصمت كما حصل في الحقبة البرلمانية الماضية بين الأعوام 2013-2020. 

لعل هذه التحديات السياسية والتشريعية تدفع نحو نهوض مؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية عموماً والكتل النيابية خاصة بدورها المحوري في إعلاء صوت الشعب الكويتي المدني عبر جسور من الحملات الإعلامية الممنهجة بالتعاون مع السلطتين التنفيذية والتشريعية قبل فوات الأوان.
*إعلامي كويتي


  


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.