من الصعب على قادة النظام الايراني التمکن من إقناع العالم من أنهم قد تمکنوا من إخماد الانتفاضة وصار النظام بأمان، ذلك إن التصريحات المتضاربة بينهم والتي يظهر التناقض فيما بينها واضحة جدا، ذلك إنه وفي الوقت الذي نجد فيه تصريحات تٶکد على إن النظام قد حسم الامر ويمسك الان بزمام الامور فإن تصريحات أخرى متزامة معها تٶکد على العکس حيث تتحدث عن المٶامرة المستمرة وتدعو أبناء الشعب الايراني الى الابتعاد عن هذه الاحتجاجات لأنها مٶامرة دولية ضد النظام!
القسوة المفرطة التي قامت الاجهزة الامنية للنظام بإستخدامها في ممارساتهم القمعية من أجل وضع حد للإنتفاضة الشعبية المندلعة منذ 16 أکتوبر 2022، يمکن القول بأنه أهم وأمضى وسيلة بيدهم في هکذا حالات، ولا يبدو إن ما نفع مع الانتفاضات السابقة يجدي نفعا مع هذه الانتفاضة، خصوصا وإن النظام صار يعلم قبل غيره بأنها إنتفاضة منظمة وتسعى لهدف واضح ومحدد وهو إسقاط النظام.
إذا ما أردنا وصفا دقيقا لما يجري حاليا في إيران، فإننا نستطيع القول وبثقة من إن هناك صراع دائر بين جبهتين، أحدهما النظام وأجهزته القمعية والثانية الشعب الايراني بمختلف شرائحه ومکوناته الى جانب وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق، ولاريب إن النظام وعلى مر أکثر من شهرين قد قام بإستخدام وتجربة کل مافي جعبته ضد الانتفاضة، لکنها لم تخمد بل وحتى إزدادت قوة أکثر من السابق، وفي هکذا حالات وحسب ماهو معروف من معظم التجارب ما قد جرى في التأريخ وخصوصا المعاصر منه، فإن النتيجة ستکون لصالح الشعب.
أوضاع النظام الايراني بموجب معظم المٶشرات هي على أسوأ ما تکون سواءا على الصعيد الداخلي أم الخارجي، ومنذ 43 عاما من تأسيس هذا النظام لم يواجه فترة صعبة وعصيبة بهذا الشکل، کما إنه لم يواجه رفضا دوليا بهذه القوة لکنه وجريا على عادته وماهو معروف عنه يصر على عدم الاذعان للأمر الواقع ويسعى بکل الطرق والاساليب من أجل أن يغير المعادلة لصالحه، وهو مايمکن إعتباره من المستحيل، ذلك إن الامر قد خرج عن السيطرة وبات في حکم السنن التأريخية التي لا ترحم أبدا عندما تحل الساعة.
إنتظار النظام الايراني الذي لا يمکن أبدا أن يأتي بالنتيجة التي يرجوها، هو إنتظار عقيم ذلك إن معظم الموازين قد تغيرت ولم تعد بالشکل والصورة التي کانت عليها في الحالات السابقة، حيث إن الارضية والاجواء في إيران قد باتت کلها مهيأة على أفضل ما يکون من أجل التغيير وحتى إن العالم کله لم يعد يثق بإمکانية هذا النظام على حسم الامور لصالحه ولذلك فإن المواقف الدولية المتشددة منه تزداد أکثر من أي وقت آخر، كما يؤكد القرار الصادر من جانب مجلس حقوق الإنسان على إدانة القمع الوحشي الذي يمارسه النظام الإيراني ضد أبناء شعبه وتشكيل لجنة تقصي حقائق حول القمع الوحشي للاحتجاجات ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وفرض العزلة الدولية على النظام كتعبير عن مدى الاستياء الدولي منه.
ومجمل القول إن النظام أشبه بمن أصابه مرض الموت ويواجه اللحظات الاخيرة المتبقية من حياته!