: آخر تحديث

متلازمة "الرجل الأول"

42
29
29

منذ أيام كنت أتناقش مع طبيب نفسي شهير حول مسألة "الرجل الأول" بحياة الأنثى بالمجتمعات المُغلقة. احتدم النقاش نوعًا ما بيننا فقال لي ما معناه، أن غالبية نساء بالمجتمعات المُغلقه الأبوية، لا يجيدوا غلق الأبواب خلف الرجل بعد مغادرته الحياة.

الأنثى بالمجتمع الأبوي المُغلق تظل دومًا عالقة إما بالمر أو الإهانة أو السيطرة أو غير ذلك. أي شيء ذاقته مع ذلك الرجل الذي عاشت معه.
تعيش هكذا في أذيال ماضي، لا نفع منه ولا ضرر ظاهر كالسرطان يدمر داخليا وتظهر أعراضه بوضوح بعد الوصول لمراحل متأخرة.
وتعتقد تلك الأنثى بأن عذابها هذا ودونية العيش التي تحياها في ظلال رجل لا يستحق إنما "إخلاص أو حب العمر" كما يسمونه لتبرير فقدان الحياة. 

حديث الطبيب صدمني نوعًا ما ولكن جعلني أفكر، لأدرك أن ما قاله جزء بسيط من مأساة أكبر تعيشها الكثير من النساء. فالأرملة الشابة تصير أكثر احتراما إن لم يدخل حياتها رجل أخر، والمنفصلة دون طلاق - لأي سبب ديني أو غير ذلك -  لا يعترف أحد بحاجتها لرجل بالحياة ويكفي أن تعيش وحيدة حتى الموت لتكون "محترمة"، والمتزوجة من أول رجل بحياتها لا ينبغي عليها أن تفكر خارج إطار توفيره للسكن والمال وإلا فستكون "غير محترمة" في نظر أبنائها أولا والمجتمع ثانيًا.

فهي بتلك الحالة لا تعرف الشكر على نعمة الرجل الموفر للمال، في مجتمع نساءه تحتفظ بالرجل للحماية من باقي الرجال، حتى لو لم يكن دوره يتعدى حدود أسمه الذي يشير لجنسه كذكر.
في بورصة النساء بالمجتمعات المُغلقة، نجد أن السعر الأعلى يُدفع من قبل الرجل للفتاة التى هو يكون الأول بحياتها الجنسية، وذلك بعكس الطبقات الأعلى من المتوسطة والـ ”A class” من تلك المجتمعات ذاتها. 

لهذا دومًا بوسائل التواصل الاجتماعي نجد سخرية فتيات الطبقة المتوسطة وما دونها من زيجات لم تسير وفق فهمهم للقيمة والمعنى للأحترام. وكأن لسان حالهم يقول "لماذا تتم نحن فقط معاقبتنا برجال لا يحتمل العيش معهم رغم إننا نحيا بمتلازمة ”الرجل الأول“؟“.

لا أتصور أن الرجل بالمجتمعات المُغلقة أو بأي مكان بالأرض يختلف عن المرأة، فكلاهما معًا قد تكون لديهم "نزوات جنسية" و"هبات غريزية" و"علاقات عابرة" و"علاقات أنانية" و"علاقات اعتمادية" وعلاقات .... لأخر النوعيات المتاحة لغويًا ونفسيًا.

العيش بمتلازمة "الرجل الأول" ليس تفوقًا أو قداسة للأنثى، إنما هو في حقيقته خوف من مواجهة الحياة وترسيخ لفكرة أن الأنثى شيء وأداة تستخدم ليس إلا، ولهذا سعرها يقل عن تلك المكينة القابعة بمخزن الحياة في انتظار من يدفع لتحقيق متلازمة "الرجل الأول". 

"شكة " 

** عش كل يوم بحياتك كما لو أنه الأخير، سترى كل ما هو متضخم بحجمه الطبيعي والحقيقي معًا. 
** عقارب الساعة تتحرك للأمام فقط خذ منها نموذج للحركة.




عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في