: آخر تحديث

رؤية قانونية في تجريم خطاب الكراهية

26
31
35

خطاب الكراهية هو أي تعبير عن الكراهية والتمييز تجاه الاشخاص والجماعات على اساس او جزء معين من هوياتهم، وهو مصطلح حقوقي وقانوني واسع حسب النوع والتأثير والطريقة التي ينتشر بها والتي على اساسها يتم تجريمه وتحديد العقوبة المناسبة له. 

وهو مكون من كلمتين، خطاب: هو أي شكل من أشكال التعبير عن الرأي او الفكرة امام جمهور من الناس على شكل كتابي او لفظي او مرئي او فني او سماعي وما الى ذلك من اشكال الاتصال والتخاطب مع الجمهور، او نشرها عبر وسائل الاعلام او الانترنت او غيرها من برامج ووسائل التواصل واتخاذه صفة النشر بالعلانية. 

والكراهية: هي كل قول او فعل من شأنه اثارة الفتنة او النعرات او التمييز ين الافراد والجماعات، بحيث يؤدي الى التفرقة او استئثار او تفضيل على اساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الطائفة او العرق او اللون أو الاصل الاثني أو الجنسي. 

هذا الخطاب يُشكل خطراً على المجتمع وبوجه خاص حين يؤدي الى تحريض الناس على العنف الموجه ضد اشخاص او مجموعات معينة، وفي حالات اقل مثل الشتم المتكرر او الافتراء او نشر الصور النمطية المتكررة التي قد تسهم في انشاء بيئات مشحونة بالكراهية والحقد وتؤدي الى تداعيات سلبية وتضر بأمن وسلامة المجتمع الذي يتأثر افراده سلباً او ايجاباً بدرجة تقبلهم او رفضهم لهذا الخطاب. 

وقد عالج الدستور العراقي لسنة 2005 خطاب الكراهية من خلال نص المادة (7/ولاً) (يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمجد او يبرر له...) وعليه فان خطاب الكراهية هو محظور تماما بموجب الدستور، مع ضمان المادة (42) لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة، وتأكيد المادة (43/أولاً) أتباع كل دين او مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية. 

كما عالج القانون العراقي من خلال قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ألمعدل في العديد من مواده هذا الموضوع، حيث نصت المادة (47/3) يُعد فاعلاُ للجريمة: من دفع بأية وسيلة، شخصاً على تنفيذ الفعل المكون للجريمة...) عندما يؤدي هذا الخطاب الى ارتكاب جرائم من الغير اللذين يتأثرون به. 

وعاقبت المادة (200) التي وردت ضمن الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي (بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من... أو حبذ او روج ما يثير النعرات المذهبية او الطائفية او حرض على النزاع بين الطوائف والاجناس والبغضاء او أثار شعور الكراهية  بين سكان العراق) وهو ما يشكل مفردات ومضمون خطاب الكراهية. 

كما عاقبت المادة (372) التي وردت ضمن (الجرائم التي تمس الشعور الديني) بالعقوبة مدة لا تزيد على ثلاث سنوات اوبالغرامة، 1-من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها، 5-من أهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية). 

وعاقب القانون في المادة (433) على جريمة القذف باحدى وسائل العلانية، والمادة (434) على جريمة السب، والمادة (435) اذا وقع السب او القذف في مواجهة المجنى عليه من غير علانية، وحدد القانون عقوبات تتدرج بين الحبس الذي لا يزيد على ستة اشهر او الغرامة. 

كما يمكن ان يصل خطاب الكراهية الى درجة الجريمة الارهابية حسب أحكام قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005، باعتباره صورة من صور الارهاب الذي نصت عليه المادة (2) تعد الافعال الآتية من الافعال الارهابية: 4-العمل بالعنف والتهديد على اثارة فتنة طائفية او حرب أهلية او اقتتال طائفي، وتصل العقوبة فيها الى الاعدام او السجن المؤبد حسب نص المادة (4) ارهاب وهي من الجرائم المخلة بالشرف. 

ويجب على الادعاء العام باعتباره ممثل المجتمع التحرك من خلال نص المادة (2) من قانون الادعاء العام رقم 40 لسنة 2017 بحماية نظام الدولة والحرص على المصالح العليا للشعب والاسهام في حماية الاسرة والطفولة من اجل احترام المشروعية وتطبيق القانون والحفاظ على الامن والسلم في المجتمع.  

ومنحت المادة (7/أولاً)  رئيس الادعاء العام اتخاذ الاجراءات التي تكفل تلافي خرق القانون او انتهاكه وفق القانون من خلال الطعن لمصلحة القانون اذا ما كان هناك اضرار للقاصرين او بمصلحة الدولة او مخالفة النظام العام. 

كما ان هذه الجريمة يمكن ان تكون ضمن وصف الجرائم الدولية لانتهاكها احكام الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965 والتي صادق العراق وانضم اليها عام1970.   

ان من المهم ان تكون لغة الحوار الاساسية بين جميع الافراد قائمة على التسامح والاعتراف بالخصوصيات ومقدسات ومشاعر الآخر، وهذه الممارسة الحياتية اليومية هي التي تنفع في مواجهة خطاب الكراهية والعنف ومواجهة التحديات التي تعصف بالمجتمعات التي تتنوع وتتعدد فيها الاديان والمذاهب والقوميات والهويات. 

وجرائم التحريض على الكراهية تمثل خطرا مباشراً وحالاً على المجتمع كونها تهدد الحقوق الاساسية للأفراد وتزلزل عوامل الاستقرار النفسي والشعوري للمجتمع بأكمله مما يجعله بيئة خصبة لكل الافكار والممارسات التي تشكل بداية للعداء والاعتداء على الآخر وتخلق عوامل القلق والتوتر وتثير الكراهية والرعب وتعصف بعوامل الاستقرار والامن والسلم في المجتمع. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في