موجة جديدة من التصعيد في العمليات العسكرية شهدها قطاع غزة الأسبوع الأخير بين فصائل قطاع غزة وجيش الاحتلال انتهت باستشهاد 44 فلسطيني بينهم 15 طفلا، ودمار عدد من الوحدات السكنية في القطاع.
وفي ظل بطء عملية إعادة اعمار قطاع غزة بعد معركة سيف القدس السنة الماضية، كان قرار خوض اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال قرارا غير مدروس بحسب عدد من المحللين، وهو ما يفسر سر حياد حركة حماس عن المواجهة الأخيرة والتمسك بالوساطة المصرية، وهي الوساطة التي أثبتت من خلالها القاهرة أنها رقم صعب في المعادلة الإقليمية، وأن كل جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وتل أبيب يجب أن تمر عبر الخارجية المصرية لضمن نجاحها.
ولكن كان المستجد الأهم والأخطر في ذلك المشهد هو الانقسام الواضح وغياب التنسيق بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، حيث اتضح ان حركة حماس لم تكن راضية على قرار الجهاد في شن هجمات على الجانب الإسرائيلي دون العودة الى قيادة الحركة المسيطرة على قطاع غزة منذ انقلاب صيف العام 2007، كما بدت فروقات واضحة على مستوى الترسانة العسكرية للجهاد الإسلامي ومدى دقتها مقارنة بنظيرتها لدى كتائب القسام، حيث أكد مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند أن "نحو 20 بالمئة من 1100 صاروخ أطلقتها فصائل فلسطينية مسلّحة ربما تكون سقطت في قطاع غزة نفسه".
وعلى أثره قالت مؤسسة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية أنها ستجري تحقيقا في حادثة سقوط صاروخ فلسطيني بالخطأ فوق مدينة جباليا في قطاع غزة، ما تسبب في مجزرة أدت لمقتل سبعة فلسطينيين من بينهم أربعة أطفال.
كذلك الخسائر الاقتصادية لن تكن بالهينة والجميع يعلم ان بعد كل تصعيد عسكري تظهر أزمات اقتصادية طاحنة يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني البسيط وحده، في ظل استمرار الحصار، وفشل حماس في إدارة القطاع وانسداد أي أفاق لحل سياسي طويل الأمد، لذلك يخشى الفلسطينيون الأن من إجراءات انتقامية من الحكومة الإسرائيلية، كالتراجع عن التسهيلات الاقتصادية المقدمة للقطاع وتشديد الحصار ومنع خروج أصحاب التصاريح للعمل داخل إسرائيل، فيذكر إن حكومة الإسرائيلية قد أقرت في وقت سابق هذا العام جملة من الإجراءات الاقتصادية لصالح قطاع غزة بعد ضغط من الرئيس الفلسطيني أبو مازن والوسطاء مقابل الحفاظ على التهدئة.
والأن وبعد ان ساد الهدوء في الساحات والعقول أيضا بعد انتهاء موجة التوجيه والشحن الإعلامي خلال فترة العدوان على غزة، يطرح السؤال نفسه وهو كيف سيكون مستقبل وحدة الفصائل الفلسطينية ومصيرها، وفي المقدمة الذراع الإيراني في غزة "حركة الجهاد الإسلامي" والذي كان أمينها العام زياد نخالة في طهران وقت الحرب الأخيرة، بعد ان اغتالت إسرائيل أبرز قادة الحركة، وظهور تصريحات رسمية من تل أبيب تؤكد ان جيش الاحتلال أبلغ حركة حماس قبل العدوان الأخير بنيته الدخول في مواجهة مفتوحة ضد حركة الجهاد واغتيال قاداتها، وعلى حركة حماس ان تتبع الحياد والصمت خلال تلك المواجهة، وهو ما قد حدث بالفعل.