: آخر تحديث

من المعني بالتغيير السياسي في إيران؟ 2-2

71
66
69

لم تکن سياسة الاحتواء المزدوج الامريکية هي حالة الفشل الاولى في إحتواء نظام ولاية الفقيه في إيران وتحديد تهديداته ومدى الخطورة التي يشکلها على المنطقة والعالم، بل إن السياسات التي إتبعها بلدان الاتحاد الاوربي بصورة عامة أو منفردة، کانت هي الاخرى قد حظت بحصتها التي لاتحسد عليها من الفشل الذريع بهذا الصدد، خصوصا إذا ماأعدنا الى الذاکرة الجولات المکوکية لوفد الترويکا الاوربية الى طهران ومحادثاتها التي أثمرت عن إتفاق سرعان ماتبين إنه مجرد حبر على ورق بل وحتى إن الرئيس الحالي في إيران حسن روحاني الذي کان يرأس الجانب الايراني في تلك المحادثات قد تفاخر في کتاب له کيف إنه تمکن من خداع وفد الترويکا وموه عليهم الامور في المفاوضات.

بلدان الاتحاد الاوربي التي إصطدمت في العقدين الثامن والتاسع من الالفية الماضية بسلسلة عمليات إرهابية قام بها النظام الايراني وإغتال من خلالها مجموعة من المعارضين البارزين له، وقد وصل الامر الى حد إن الاتحاد الاوربي قد إتفق مع طهران أن توقف عملياتها ونشاطاتها الارهابية في بلدان الاتحاد الاوربي في مقابل أن يکف عن ملاحقة المتورطين في النظام في تلك العمليات الارهابية قانونيا، وقد إلتزمت طهران بهذا الاتفاق حتى عام 2018، عندما ضاقت ذرعا بنشاطات مجاهدي خلق في داخل وخارج إيران وقامت من فرط شعورها بالجزع والقلق والتخوف من تلك النشاطات وتداعياتها على داخل إيران بمجازفة إستثنائية وذلك بخرق ذلك الاتفاق والشروع بعملية تم التخطيط لها في طهران وعهد بتنفيذها الى الدبلوماسي أسدالله أسدي السکرتير السابق وقتئذ في السفارة الايرانية في النمسا، وقد تم إعتقاله وهو في طريق عودته من مقابلة منفذي العملية في ألمانيا من قبل المخابرات الالمانية والبلجيکية، ولانريد هنا أن نتحدث عن طرد الحکومة الالبانية للسفير الايراني والسکرتير الاول في السفارة بسبب نشاطات مشبوهة وغير مقبولة له ضد معسکر أشرف3 للمعارضين الايرانيين في ألبانيا ولاعن ماحدث من أمور مشابهة في واشنطن وأمستردام، لکن الذي يجب قوله هنا وبثقة کاملة إن الاتحاد الاوربي کما الولايات المتحدة الامريکية جنت حصاد الفشل والخيبة في سياستها المتبعة حيال نظام الملالي ومن دون شك فإن عدم نجاح المحاولات والمساعي الحثيثة التي بذلتها طهران من أجل إسترداد الارهابي أسدالله أسدي، کانت بسبب إن بلدان الاتحاد الاوربي أيضا قد ضاقت ذرعا بهذا النظام وتريد أن من خلال"جرة أذن" غير عادية أن تعيده الى رشده وصوابه.

بلدان المنطقة، کعادتها ودأبها دائما في التعامل مع الاحداث والتطورات غير العادية ومن ضمنها الموقف من نظام ولاية الفقيه والتي لها ثمة علاقة بالمصالح الدولية والخطوط العامة للسياسات المتبعة في ضوئها من جانب عواصم القرار السياسي، فإنها ظلت أسيرة إنتظار ماقد يتمخض من مواقف سياسية وإقتصادية  من جانب تلك العواصم ضد طهران لتبني في ضوئها سياساتها بهذا الصدد، مع إنه کانت هناك حالات خرجت عن هذا السياق کما کان الحال مع عملية"عاصفة الحزم" والتي ومع أهميتها کان يجب على بلدان المنطقة أن تتحرك قبل هذا التأريخ، والحق إن الخطأ الذي سارت عليه بلدان المنطقة في تعاملها مع طهران هو تکرار أکثر من واضح لأخطاء أکبر تم إرتکابها من جانب الامريکيين والاوربيين الذين يبدوا إن ملالي إيران ومن خلال سياستهم الحرباوية والبراغماتية قد تمکنوا في النيل منهم وخدعوهم، وحتى إن الاتفاق النووي الذي تم عقده في تموز2015، والذي کان أوباما متلهفا عليه بصورة تظهره وکأنه کان يعتقد بأنه من خلال ذلك الاتفاق سيقوم بأکبر منجز سياسي في عهده لکن وکما إتضح فقد کان أکبر فضيحة سياسية ـ إقتصادية ـ أمنية لايمکن تغطية مساوئها على الرغم من کل تلك المحاولات السمجة والممجوجة التي بذلها ويبذلها جون کيري وجوقة من الساسة الاوربيين من الذين لايزالوا يٶمنوا بإمکانية نقل نظام سياسي يمتلك عقلية قرووسطائية ويصر على التمسك بها الى العصر الحديث رغم إنهم يشهدون سقم مزاعم الاعتدال والاصلاح في هذا النظام وإنها لاتتمکن من التأثير الفعلي والجدي على مسار الاحداث والتطورات الجدية في إيران شروى نقير! 

دونالد ترامب، ومع کل المجهود النوعي المضاد الذي بذله ضد نظام الملالي، لکنه إرتکب هو الآخر خطئا کبير من ناحيتين؛ الاولى إنه آمن بتدجين وترويض هذا النظام وإمکانية تغييره کما هو عليه، والثاني إنه کأسلافه، نأى بنفسه بعيدا عن أهم وأقوى معارضة نشيطة وفعالة بوجه النظام ونقصد منظمة مجاهدي خلق ولم يقم بالاعتراف بها والاتصال بها رسميا، وکأنه يريد أن يبقي"شعرة معاوية" في تعامله مع نظام الملالي مع الاخذ بنظر الاعتبار إن نظام الملالي فيما لو قبلوا بمايمليه عليهم ترامب فإنه يعلم بأنه يوقع على العد التنازلي الفعلي لنهايته، غير إنه"أي نظام الملالي" مع ذلك قد رضى بأهون الشرين بالنسبة له طالما بقيت العلاقة بين واشنطن ومجاهدي خلق لم تصل الى حد الاعتراف الرسمي ولايجب أبدا الانخداع بالصخب والزعيق الاعلامي في طهران بشأن العلاقة النوعية بين مجاهدي خلق وادارة ترامب، لکن الملالي يعلمون بأنه لايزال هناك ثمة أمل لهم، حيث إن اسلوب ترامب هذا ينعکس سلبا على الواقع الايراني ذلك إن التمويه والتجاهل بحق معارضة کان ولايزال لها الدور الاکبر في التأثير على الاوضاع في داخل إيران وإن الذي يٶکد ذلك ويوضحه بکل جلاء إنه ليس هناك من أية معارضة إيرانية رکز عليها نظام الملالي وصب عليها جام غضبه وصارت بمثابة"کعب أخيل" بالنسبة له کما هو الحال مع منظمة مجاهدي خلق، خصوصا بعد أن توضح للعالم وليس لنظام الملالي فقط الدور المشهود للمنظمة في إنتفاضة 28 ديسمبر2017 و15 نوفمبر2019، وإن ترامب لو کان قد أشرك العنصر الايراني في عملية مواجهته لنظام الملالي وکان قد منح نفس الدعم والتإييد الذي کانت إدارة الرئيس الاسبق بوش الابن قد منحته للمعارضة العراقية لنظام حزب البعث لکانت الصورة والمشهد العام للأوضاع في إيران على غير ماهي عليها الان.

اليوم وبعد الاحداث والتطورات الجارية في بلدان المنطقة والدور السلبي للنظام الايراني والذي صار الامريکيون والاوربيون يحذرون منه فيما تتعالى أصوات في بلدان عديدة من المنطقة  وهي تشدد على الخطر والتهديد الذي يمثله النظام الايراني، وبعد أن وصلت الاوضاع في داخل إيران الى ذروتها وتخوف القادة والمسٶولين في النظام من إندلاع تحرکات إحتجاجية ضدهم قد تکون أقوى من سابقاتها، وبعد أن صارت البلدان الغربية تشعر بصعوبة في کبح جماح هذا النظام والسيطرة عليه، فإن حديث التغيير الحقيقي والجذري في إيران يفرض نفسه بقوة ومع التفاوت في درجة ومستوى هذه الاطراف من حيث علاقتها بعملية التغيير في إيران، لکن القاسم المشترك للجميع هو إنهم معنيون بتلك العملية وإنها کلما تأخرت أکثر کلما کان الضرر المتخلف والناجم عنها أکبر وأسوأ، وإن الحديث عن التغيير عن طريق العقوبات وممارسة الضغوط من دون إشراك العنصر الايراني يعتبر بمثابة جدل بيزنطي لن يٶدي الاهداف المرجوة من ورائه بل وإن هناك جانب سلبي فيه وهو إنه يطيل في محنة ومعاناة الشعب الايراني بالدرجة الاولى کما يساهم في إبقاء الاوضاع قلقة ومتوترة في المنطقة وإستمرار التدخلات ويعمل أيضا على إبقاء التهديد قائما ضد السلام والامن والاستقرار في المنطقة والعالم، وإن إشراك العنصر الايراني في عملية المواجهة والتصدي للنظام الايراني ممثلا بمجاهدي خلق من شأنه أن يحدث نقلة نوعية وإنعطافة تأريخية في هذه المواجهة بإتجاه حسمها، ولاسيما وإن مجاهدي خلق قد أثبتت قدرتها وجدارتها بهذا الصدد.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في