تتقدم المملكة اليوم بثبات نحو موقع قيادي تعيد من خلاله موقعها في النظام الدولي، وقد رسخت حضورها كقوة مؤثرة تعتمد على التخطيط الاستراتيجي، والعمل المنظم، والاستثمار في عناصر قوتها الوطنية. ومع توسع الحراك الدبلوماسي، وتصاعد المؤشرات الاقتصادية، وتنامي حضورها في المنصات الدولية، أصبحت المملكة مرجعًا في صناعة القرار الإقليمي، ونقطة ارتكاز في التوازنات الكبرى، وصاحبة أثر متصاعد ينعكس على محيطها القريب والبعيد.
وجاءت تصريحات وزير الإعلام في المؤتمر الصحفي الحكومي لتؤكد أن صناعة التأثير السعودي لم تعد نتيجة ظرفية، بل مسار دولة تبني خطواتها بالمنطق ذاته الذي تبني به استراتيجياتها. فقد حققت زيارة سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة أصداء إعلامية غير مسبوقة، تجاوزت أكثر من 4 مليارات وصول خلال 48 ساعة فقط، فيما تخطت المواد المنشورة 120 ألف مادة، وهو حجم يعكس المكانة الدولية للمملكة، وقدرتها على توجيه اهتمام الإعلام العالمي متى ما قررت، وبالزخم الذي تقرره.
وفي الداخل، يواصل الاقتصاد السعودي تقديم أدلة واضحة على قوة مساره، حيث بلغ عدد السجلات التجارية 1.8 مليون سجل بنهاية أكتوبر، بزيادة سنوية بلغت 18 ٪، ما يؤكد أن بيئة الأعمال السعودية تعيش نمواً حقيقياً، وأن سياسات الإصلاح الاقتصادي تنعكس مباشرة على مؤشرات السوق وعلى توسع القطاع الخاص.
كما أشار الوزير إلى تحول نوعي في قطاع الصناعات العسكرية، حيث ارتفعت نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 25 ٪ في عام 2024، ضمن هدف استراتيجي يتجاوز 50 ٪ بحلول 2030، بما يعزز استقلالية القرار الدفاعي ويصنع قاعدة صناعية وطنية أكثر قدرة على المنافسة.
وفي ملف المياه، تتصدر المملكة العالم بطاقة إنتاجية تتجاوز 16 مليون متر مكعب يومياً، مع تغطية تصل إلى 83 ٪ للسكان، وهو إنجاز يبرز قدرة الدولة على إدارة الموارد الحيوية بكفاءة وفاعلية.
أما في الثقافة والسياحة، فقد رسخت المملكة موقعها العالمي بإقامة مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025 واتفاقيات تفوق 5 مليارات ريال، واستضافة منتدى تورايز العالمي بمشاركة 120 دولة واستثمارات تتجاوز 113 مليار دولار، في حين عززت حضورها الرياضي باستضافة الدورة السادسة لألعاب التضامن الإسلامي بمشاركة 57 دولة وأكثر من 3000 رياضي.
هذه المنجزات ليست عناوين منفصلة، بل مكونات لمنهج دولة تبني تأثيراً مستداماً، وترسم ملامح مرحلة جديدة من القوة السعودية في الساحة الدولية لأن صناعة التأثير أصبحت جزء من هوية الدولة ودليلاً يكشف قدرتها على تحويل طموحاتها إلى سياسات، ورؤيتها إلى واقع ملموس. ومع تسارع المشروعات، وارتفاع سقف التطلعات، واتساع الحضور العالمي يتأكد أن المملكة ماضية في مسار لا يعرف التراجع، ومسيرة تبني فيها مكانة المملكة كما تبني المستقبل.

