سارة النومس
البعض راضٍ عن راتبه الشهري والغالب يطمح للأكثر، ويبحث عن رأسمال آخر خارج عمله، فالحاجات وغلاء الأسعار تدفع الفرد إلى أن يضاعف الرقم كي ينعم برفاهيته، وزاد من الأمر كآبة من خرج للعلن ليقول لن تصبح غنياً وأنت تنتظر راتبك نهاية كل شهر.
الآن نعيش في عصر ذهبي، فالإنترنت يحكم العالم، جميع القارات بدولها الغنية والفقيرة على تواصل مستمر من خلال الإنترنت، قد لا يملك فقير بيتاً ولكن من المهم أن يحمل بيده هاتف محمول بشريحة إنترنت، وتذكرت جملة «العالم سيصبح قرية صغيرة»، التي كنت أسمعها في طفولتي، قد تحققت اليوم بالفعل، والتواصل الاجتماعي يتنافس ما هو التطبيق الذي سيحظى بتفاعل أكبر من جماهير العالم كله؟!
دول تتحدى بعضها من خلال برامج التواصل الاجتماعي، «التيك توك»، مثلاً البرنامج الصيني الذي ظهر للعالم للمرة الأولى في 2016، ويحظى اليوم باهتمام كبير من قبل كل الناس، ليحقق للكثير إيرادات يومية وشهرية عن طريق إضافة محتوى.
عزيزي المثقف أو السياسي لن تحصل على تفاعل إن حلمت بذلك، فالمنصّات صنعت للمحتوى «لا محتوى»! كل ما في الأمر هو كيف تقدم محتوى سريعاً ومضحكاً أو درامياً أو مثيراً للجدل وينتشر بسرعة البرق؟! هناك العديد من مقاطع الفيديو التي ترشد الناس إلى كيفية كسب المال من خلال عمل مقاطع في تلك المنصة وغيرها أيضاً.
كي تصبح فتاة مشهورة عبر تلك المنصات اليوم يجب عليها أن تكون على تواصل يومي مع الجماهير وإلا ستفقد اهتمامهم، يجب أن يكون محتواها مثل مسلسل مثير للاهتمام وأحياناً للجدل، الصور والمقاطع اليومية يجب أن تكون مشوقة، وعندما تدخل الإعلانات والتحويل المالي تصبح الحياة أجمل لتلك الفتاة، فتخطط لحياة مشوقة أكثر لجذب الجماهير بشكل أكبر كزواج، ثم حمل، يسقط الجنين وتصبح عُرضة للاكتئاب والحزن والجماهير تواسيها، يخونها الشريك وتغضب الجماهير وتتفاعل بشكل أكبر، تصور هي مقاطع تبين فيها فضلها على هذا الشريك وتضحيتها لأجله، وبعد أيام عدة يعود الزوجان مرة أخرى، حينها تعلن الحمل للمرة الثانية، فتنجب طفلاً، ليصبح هذا الطفل عنصراً مهماً في عمل الإعلانات المتعلقة بملابس الأطفال وكل ما يتعلق بالطفل، أحياناً عندما يعتاد الناس على روتينها اليومي المشابه وتبحث عن شخصية أخرى وفي لحظة غير متوقعة تنشر صوراً لها من دون حجاب، لتعود إثارة الجدل للساحة مرة أخرى.
إنني أتحدث عن التواصل الاجتماعي والقصص المتكررة لأكثر من عشر سنوات، فالجميع متشابهون والغريب في الموضوع أن الناس لا تزال تحب متابعة القصص المتكررة.
اضطر بعض الشباب لارتداء الملابس النسائية كي يقلدوا الأمهات مثلا أو الفتيات، وأتساءل: عندما يتزوج هذا الشخص هل ستكون حياته طبيعية مع شريكته بعد أن رأت مضمونه الاجتماعي المليء بالحركات النسائية والتشبه بهن؟!
تحلم الكثيرمن الفتيات الصغيرات بالوصول إلى الشهرة، فأغلب المشاهير يرتدون أحدث الملابس والماركات العالمية ويقودون أفخم السيارات ويصورون حياة مثالية مبالغ بها. ولكن ما يغيب عن بال الكثير أنه إذا فقدت تلك الشخصية اهتمام الجماهير فعليها إنقاذ نفسها، وأحياناً يعني ذلك أن تصبح مهرجاً يطلق ألفاظاً وقحة ويطرح مواضيع جريئة كي لا يخسر جمهوره ويصبح اسمه دائماً «ترند» وبالصدارة.
... وتيمناً بالمثل الشهير دون ذكره (...)،
نختمها بـ«رزق المشاهير على...»!؟