علي الزوهري
يعتبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رجل الإنسانية الأول، فخير زايد امتد لأقصى أصقاع المعمورة، يقول زايد: «إننا نؤمن بأن خير الثروة التي حبانا الله بها، يجب أن يعم أصدقاءنا وأشقاءنا». وكعادتها السنوية احتفت دولة الإمارات العربية المتحدة بـ «يوم زايد للعمل الإنساني»، الذي يصادف 19 رمضان من كل عام، والذي نستذكر فيه رحيل مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
زايد رجل الإنسانية الأول، رسّخ مكانة الإمارات قلباً نابضاً بالخير وبالعطاء الإنساني، لم يكن زايد مجرد مؤسس لدولة، بل كان صاحب فلسفة إنسانية آمن بأن «الثروة الحقيقية هي ثروة الإنسان»، فلا تعيش الأمم إلا بالوقوف بجانب الآخر، فجعل من مساعدة الآخرين رمزاً مستداماً ونوراً لم ينطفأ حتى اللحظة، بغض النظر عن حدود الجغرافيا أو الدين أو العرق، شعوب العالم المحتاجة أصبحت ركيزة لنهضة أمته، كان، رحمه الله، صاحب رؤية ثاقبة ومستقبلية وامتداد للأيادي البيضاء لدولة الإمارات، صنع نموذجاً عالمياً للقيم الإنسانية التي تتجاوز شعور الإحساس بالأزمات ولضمان استقرار الشعوب الضعيفة. إيمانه الراسخ بالإنسانية وأن الخير يجب أن يعم الجميع، صنعت هويته وصورته الإنسانية ونواة لفكره الإنساني الذي توسع لاحقاً ليشمل العالم.
كان زايد يرى أن المساعدة الإنسانية لغة مشتركة، والخروج من الكوارث والأزمات والفقر سيصنع حافزاً لبناء مستقبلٍ ينعم بالسلام والاستقرار. لقد أثبتت الدولة أن إرث زايد الإنساني ليس مجرد ذكرى، بل خارطة طريق فعالة، بل امتداد لراية العطاء، حيث تحتل الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في المساعدات الإنمائية نسبة للناتج المحلي. مؤسسات مثل «مؤسسة زايد للأعمال الخيرية» و«الهلال الأحمر الإماراتي» وعمليات الفارس الشهم، تجسّد استمرارية رؤيته وتبرز نهجه كجسر للعطاء بين الحاجة والأمل.
وبينما تُضيء الإمارات شموع ذكراه الخالدة في قلوب شعب دولة الإمارات، يتجدد السؤال: كيف يُخلّد الإنسان نفسه؟ الإجابة تكمن في أن زايد، طيب الله ثراه، لم يبنِ آلاف المباني فحسب، بل بنى قِيماً تُحيي الضمير الإنساني، في كل إنسان يتعلّم في مدرسةٍ حملت اسمه، ولدى كل عائلة وجدت مأوى بعد كارثة، وعند كل مريض شُفي في مستشفى أُسس، يعود زايد ليذكرنا أن الإنسانية هي الوطن الأكبر. وهكذا، يصبح يومه رمزاً للعطاء المتجدد، ودليلاً على أن الخير حين يكون إيماناً لا يعرف حدوداً.