أحمد المغلوث
حينما خرجنا من المسجد الشهير بحي «السياسب» بالمبرز، بعدما استمتعنا لحديث الشيخ أبو إبراهيم كعادتهما عصر كل يوم في رمضان، التفتت أم عبد الوهاب لجارتها أم فهد وقالت لها مستحية: أطلب منك شيئا، لكن أبونا الله يحفظه يسخر مني، من بدأ رمضان وهو يردد ماعمرك فطرتينا «بهريسة زينة مثل هريسة أم فهد»، بل أكد علي أن أطلب منك «نقصة» من هريستكم مشتهي يتسحر بها الليلة! أجابتها وهي تربت علي كتفها عندما وصلتا إلى بيتيهما المتلاصقين: أبشري، غالي والطلب رخيص، فردت عليها قبل أن تدخل بيتها لا والله كل اللي تطبخينه وتسوينه ما يقدر بثمن خاصة وأبونا ذواقه تخبرين يشتغل في أرامكو ومتعود على أكل اللي يقولون عليه: (الروسترنت) قالتها بكلمات فيها رخاوة، ضحكت أم فهد ولم تتمالك نفسها فسارعت بتغطية فمها بكفها المخضب بالحناء.. يا الله ما شاء الله عليك حناك يهبل والليلة خميس وعشى العريس هريس، فردت عليها استحي استحي وصومي صومي، وسارعت بدخول بيتها تمضي بخطى سريعة إلى رواق بيتها ووضعت عباءتها على تكية الدواشق ونادت ابنتها فوزية ولكن بالاسم التي تدلعها به: فوز فوز، وما هي إلا لحظات وتنزلت فوز من على الدرج السطح ووقفت أمام والدتها وهي تردد: خير خير يايمه، فردت عليه ما فيه إلا الخير يا بنتي، لكن وقت الفطور عندنا «نقصة» لجارتنا أم عبد الوهاب، أبوهم مشتهي هريستنا، علشان كذا احتاجك وقت الإفطار تعبين المطبقة الفضية الكبيرة هريس وبعدها تنادين على بنتهم نعيمة لما توصلين بجانب «الجليب» وأكيد بنتهم موصيتها والدتها تصيخ السمع لأي صوت قادم من الجليب، فاهمه، وردت فوز أبشري يايمه، بعدين أكثر من مرة وصلت النقصات لهم، حتى أني كنت اأتخدم «خرخاشة» أخوي عزوز لتنبيه بنتهم نعوم الحبيبة، وأضافت وهي تزيح بعض من شعرها الكستنائي عن عينها أبشري بالطيب.
وعندما حان موعد الأذان والإفطار، حملت فوز المطبقة الساخنة والمشبعة بالهريسة ووضعت تحتها «فوطة» للتخفيف من حرارتها ودخلت غرفة «الجليب» وراحت تهز «الخرخاشه» عدة مرات متتابعة وهي تردد بصوت خفيض: نعوم نعوم، وما هي إلا لحظات وإذا بوجه نعوم يطل عليها من تحت جدار الجليب بشكل منحني مادة يدها لتأخذ المطبقة الساخنة من فوز فصرخت آه آه لتسقط من يدها «المطبقة» ولتصدم بجدار الجليب محدثة أصوات غريبة وعجيبه قبل وصولها للأعماق، وراحت تبكي نعوم «أيش أعمل وأيش اقول لأمي ولا لبوي، ياويلي منهم، وإذا بفوز ترد عليها: قدر الله وما شاء فعل ولا يهمك، ولا تخافي ولا تحزني عندنا باقي من الهريس كثير، أمي الله يحفظها زادت كمية الهريس اليوم ناوية ترسلني لبيت خالي. جدتى تحب هريسة أمي، وأضافت بعدما سحبت رأسها من تحت الجدار الفاصل بينهما، وقالت: المهم بعد قليل البسي عباتك وتعالي بيتنا خذي صحن الهريس لكن انتبهي لا يسقط منك هذه المرة ترى ما فيه هريس غيره.