أحمد الجميعة
نظمت المملكة خلال عام 2024، مؤتمرات وملتقيات ومنتديات على أعلى مستوى من الحضور الدولي، سواءً من مسؤولين، أو مستثمرين، أو نخب وخبراء ومختصين، ومع ذلك لم يتم استثمار وجود هذه الأعداد الكبيرة في صناعة محتوى يعكس ما وصلت إليه المملكة من منجزات غير مسبوقة على أكثر من صعيد؛ فغالبية المشاركين الأجانب في تلك الفعاليات يحضرون ويغادرون من دون أن يكون لهم خطة للظهور في منصات إعلامية محلية على الأقل، وينقلون شهادتهم للعالم عن السعودية ورؤيتها الطموحة.
تسابُق بعضِ المسؤولين والمنظمين للأحداث الدولية التي تستضيفها المملكة، ليس كافياً في وصول الرسالة الإعلامية، وربما غير مناسبٍ التعبير المباشر عنها؛ فكلما كانت هناك مساحة لظهور المشاركين من عدة دول للحديث عن الفعالية يعطيها زخماً دولياً أكبر، وتعبيراً مختلفاً عنها، وقيمة مضافة من العمق والشمول، والأهم تدوير تلك المشاركات في منصات إعلامية دولية.
نعم، هناك حضور لوسائل إعلام دولية لتغطية أحداث وفعاليات مهمة وكبيرة في المملكة، وجهود كبيرة تبذلها وزارة الإعلام في تسهيل وصول تلك الوسائل، ومنحها كامل الحرية في نقل الحدث بالطريقة التي تناسب سياسة كل وسيلة، ولكن مع هذه الجهود المميزة لا يزال الحديث هنا عن التغطية الإعلامية وليس المعالجة الإعلامية، والفارق كبير بينهما؛ فالتغطية تنقل الحدث كما هو، والمعالجة ما وراء الحدث من قصص ومواقف وتحليلات معمقة، حيث يمتد أثرها إلى الصورة الذهنية عن المملكة، وتشكيل الرأي العام الدولي تجاهها.
في نهاية الشهر الحالي، تنظم المملكة النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل، وهي مناسبة عالمية مهمة، بمشاركة دولية متعددة من منظمات وهيئات ووفود رسمية، وسيحضر لها وسائل إعلام دولية -كما في النسخة الأولى- ومع أهمية تغطية الحدث؛ إلاّ أن الأهم معالجته دولياً، من خلال تركيز اهتمام الإعلام الدولي على قصص النجاح غير المسبوقة التي حققتها المملكة في خفض نسبة البطالة، ومشاركة المرأة في سوق العمل، وتحسين العلاقة التعاقدية، والسياسات والتنظيمات التي تحفظ حقوق الأجانب للعمل في السعودية، بما فيها العمالة المنزلية، إلى جانب تنظيم زيارة للوسائل الدولية الحاضرة في المؤتمر للمحكمة العمالية لتأكيد تلك الحقوق، كذلك إبراز مواقف المملكة من النقاشات الدائرة حول «العقد الاجتماعي» لتحقيق بيئات عمل آمنة وصحية، والتصدي لمخاطر التغيّر المناخي التي تواجه عالم العمل اليوم، وجهود المملكة في تخفيف آثارها في العقد الجديد، إضافة إلى التحليلات المعمقة عن القفزات والنجاحات المتواصلة التي حققها قطاع العمل في السعودية، مدعومة بالأرقام والشواهد.
اليوم لدينا قصة نجاح مميّزة وعظيمة في سوق العمل السعودي، وأتمنى استثمارها إعلامياً في المؤتمر الدولي لسوق العمل، ولا نكتفي فقط بتغطية تصاريح أو كلمات أو مداخلات؛ فالمعالجة أكبر وأكثر إثراءً في صناعة المحتوى، بما يعزز من صورة المملكة، وتشكيل رأي عام دولي لجهودها في قطاع العمل، وعلى هذا نقيس بقية الفعاليات والمناسبات الدولية التي تستضيفها المملكة، من خلال التركيز على المعالجة وليس التغطية فقط.