للمرة الأولى في تاريخ الكويت يتعرض هذا العدد الكبير من المواطنين لخطر سوء تفسير المادة 8 من قانون الجنسية، واحتمال حرمانهم من الجنسية، بعد سنوات طويلة من الزواج والإنجاب، وبعد التنازل عن سابق جنسيتهم.
ورد في قانون 1959، المادة 8: تصبح الأجنبية كويتية بمجرد زواجها من كويتي. لكن تم تعديل المادة 8/ 1966 بحيث تصبح الأجنبية كويتية بعد إبداء رغبتها بذلك، مع استمرار الزواج لخمس سنوات، ومن حق وزير الداخلية تقليل المدة.
ثم جاء تعديل 1980 (خلال فترة غياب مجلس الأمة) وأضاف: إذا توفي الزوج أو وقع طلاق قبل انقضاء الـ 5 سنوات، وكان للزوجة أبناء، فإنها تحتفظ بإقامتها، حتى انقضاء المدة، وبعدها يجوز منحها «الجنسية بمرسوم». لكن جاء قانون 1987 وعدل المادة لتصبح: يجوز منح الأجنبية الجنسية بمرسوم، وبعد انقضاء 15 سنة زواجاً، مع حق الوزير في تقصير المدة.
حصل «إشكال قانوني» مع رفض مجلس الأمة تعديل 1987، وعاد الوضع للعمل بما نص عليه في قانون 1980، واختلف القانونيون، لكن الحكومة رجحت الرأي القائل ان منح الجنسية للأجنبية يكون بمرسوم، وليس بقرار وزاري، وتجاهلت وجهات النظر المخالفة، وهذا معناه، أن كل قرارات منح الجنسية للأجنبية، بقرارات وزارية، منذ عام 1992 أصبحت ملغاة!
هناك أكثر من عشرين ألف زوجة كويتية معرضات لحرمانهن من الجنسية، بسبب أخطاء لا ذنب لهن أو لأسرهن بها، وعليهن العودة لسابق جنسياتهن، إن قبلت بلدانهن السابقة ذلك، أو يتحولن إلى «بدون»، وهذه كارثة إنسانية وأخلاقية وقانونية واجتماعية، وحتى سياسية!
لعلاج الوضع، يرى البعض أن على الحكومة تطبيق تفسيرها، وإلغاء جنسيات جميع من حصلن على الجنسية، بقرارات وزارية، والقيام «بعدها» بالنظر في ملف كل زوجة، وإعادة الجنسية بمرسوم لمن تستحق، لكن ذلك سيدخلنا جميعاً في متاهات نحن في غنى عنها. وبالتالي من الأفضل، إنسانياً وأمنياً وإدارياً، صدور مراسيم تمنح فيها الجنسية، بمرسوم، لكل زوجة حصلت على الجنسية بقرار وزاري، مع احتفاظ الدولة بحقها في إلغاء غير المستحق منها نتيجة غش أو تدليس أو محاولة انتفاع، وهذا هو التصرف الذي يتسق مع العدالة والإنسانية، ويتماشى مع المنطق.
إن تقرر السير في سحب الجنسية من كل من أصبحت كويتية بقرارات وزارية، فستقوم حتما جهات خارجية معادية، باستغلال الوضع اللاإنساني الذي سينشأ نتيجة إلغاء جنسية عشرات الآلاف، من أمهات وزوجات وأرامل، ومحاولة تشويه سمعتنا، كدولة وشعب، أمام المحافل والهيئات الدولية، ويجب عدم إعطاء هؤلاء الجاحدين أية فرصة للنيل منا!
نتفق مع صاحب القلب الكبير، معالي رئيس الوزراء، بالإنابة، وزير الدفاع وزير الداخلية، بضرورة اتباع القانون، وسماع آراء الخبراء، في ما يتعلق بصحة السحب الفوري لجنسية كل من حصلت عليها بقرار وزاري، لكنه يعلم أن الضرورات تبيح المحظورات، ومصلحة وحق أسرة واحدة، قد يصيبها الظلم، دع عنك عشرات الآلاف منها، أجدر بالاهتمام من رأي خبير، مع الاحترام له، فهو يبقى رأياً، في نهاية الأمر.
* * *
مواطن عربي كان يعمل في الكويت، نجح في إقناع ممولين بتأسيس شركة استثمارية سرعان ما حققت صعودا صاروخيا، وأرباحا كبيرة، فتوسط له من استفادوا من أعماله، فتم منحه جنسية الدولة، لـ«جليل أعماله».
ضربت أزمة 2008 أسواق المال فانكشفت أوضاع الشركات الاستثمارية التي لم تتحوط بما يكفي لمثل هذه الأزمات، والتي خاطرت بالتوسع الكبير في الاقتراض، ونتج عن جليل أعمال صاحبنا ان خسر مساهمو الشركة والمستثمرون فيها أموالهم، وكنت أحدهم، فتم على الفور إعفاؤه من منصبه، فعاد لوطنه، متأبطاً جنسيته الكويتية، مستفيداً من مزاياها.. منذ 15 عاماً!
أحمد الصراف