شيماء المرزوقي
التقنيات الحديثة، وتطور التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي، لها مؤثراتها الكبيرة الواضحة على مجمل الحياة البشرية، بل حتى على تفاصيل هذه الحياة، ومن أهم تلك الأمور تأثيرها البالغ في سوق العمل، حيث ساهمت في تطور الأعمال، وبتنا نرى مهام وظيفية تتلاشى وتنتهي، وفي اللحظة نفسها نرى دخول مسميات وظيفية غير مألوفة، نلاحظ أن الوظائف التي تخرج في مجملها تعتمد على الجوانب الحركية، أو العمل الورقي، ومع تلاشيها تحضر وظائف ذات بعد تقني ومهني وهندسي، تحتاج لهذه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وموظفو هذه المهن التي تدير هذه الجوانب، يفترض فيهم المعرفة الواسعة والتدريب النوعي. والذي يحدث أن الموظف الذي يخرج بسبب وظيفته التقليدية، لا يكون مؤهلاً لاحتلال وظيفة بتلك المواصفات التكنولوجية والمعرفية.
وهذا ما أشار له واحد من أهم رواد التقنيات الحديثة، وهو بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، الذي قال: «إن الأتمتة، يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة، ولكن يجب أن نكون مستعدين لتدريب وإعادة تأهيل العمال للتكيف مع هذه التغييرات». والسؤال الحقيقي، والبديهي، والبسيط، هل مناهجنا الدراسية الحالية، على تعدد أنواعها، وتوجهاتها، وتخصصاتها، تعمل على تحقيق هذه الغاية، وهي تخريج طلاب مؤهلين ومستعدين، لمواصلة جهدهم المعرفي للعمل في وظائف نوعية، تعتمد على التقنية والتكنولوجيا، وعلى الذكاء الاصطناعي؟ هل مازلنا نعلم المواد النظرية، في زمن تتزايد الوظائف ومجالات العمل، المعتمدة على تقنيات وتكنولوجيا، بعيدة عن مؤسسات التعليم؟ من هنا تحدث فجوة، ومن هنا نتسبب في حدوث عجز في الأيدي العاملة المؤهلة، المستعدة لمواجهة تحديات التقنيات الحديثة، اليد العاملة التي تشغل المعدات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتلك البرمجيات التي تحتاج لتغذيتها بالمعلومات اللازمة لتخدم وتسهل الحياة على الناس.
نعم التكنولوجيا، أثرت وتؤثر، وستؤثر دائمة في سوق العمل، وهي لن تستقطب خريجين، درسوا نظرياً، حتى ولو كانوا من الأوائل، لأنها تحتاج لطلاب مؤهلين بالمعرفة عنها، تحتاج إلى مبرمجين، فهل نعلم أبناءنا في أي مرحلة من مراحل التعليم البرمجة؟ وهي تحتاج لأخصائي بيانات ومعلومات، فهل علمنا أبناءنا هذه المهارات، واستخدام المعدات التقنية لإدارة تلك البيانات؟ الروبوتات، تحتاج لمن يغذيها بالتعليمات، ويشرف على الوظائف، فهل دربنا أبناءنا على مثل هذه المهام، والتي يفترض فيهم الإلمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيفية التعامل معه؟ إنها تساؤلات، تتعلق بمستقبل الوظيفة، ومستقبل أبنائنا، أنثرها بين يديكم.
www.shaimaalmarzooqi.com