: آخر تحديث

الذكاء الاصطناعي

13
13
15

إبراهيم الهاشمي

أحب الاستماع إلى المذياع «الراديو» كما يسمى عندنا، خصوصاً أثناء قيادة السيارة، وهذه متعة أحرص عليها منذ زمن بعيد، فهي كما يقال «تقصر الدروب» دون تنغيص أو مشكلات، فأي محطة إذاعية لا تعجبك تغيرها في الحال إلى أخرى أكثر استجابة لذوقك ومتطلباتك.

قبل عدة أسابيع جَرتني المصادفة إلى الاستماع لبرنامج في إحدى محطات الإذاعة الخليجية، والذي كالمعتاد ما إن انتهى حتى خرج صوت يذكر أسماء فريق عمل البرنامج، فذكر أنه من إعداد وتقديم «الذكاء الاصطناعي» مع ذكر اسم المخرج الذي ظل من البشر حتى تلك اللحظة.

استرجعت بعدما سمعت ذلك ما نشره أحد الأخوة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه سأل أحد برامج الذكاء الاصطناعي المنتشرة على الشبكة العنكبوتية سؤال مفاده، «هل تأكل العقرب (الوزغة)» أي «الطيطار» باللهجة الإماراتية، فرد ذلك البرنامج رداً مفصلاً طويلاً يؤكد فيه أن العقرب لا تأكل الوزغ بتاتاً، وقد بث ذلك الأخ مع ما نشره من رد فيلماً تظهر فيه العقرب وهي تأكل الوزغة بتلذذ واستمتاع شديدين، وكأنه يقول كذب الذكاء الاصطناعي ولو صدق، وكما هو معلوم فهذا موضوع علمي لا يحتاج إلى فذلكة أو اجتهاد من برنامج ذكاء اصطناعي تم رفده بكل ما يمكن من معلومات، وليس عملاً فكرياً يمكن أن تختلف فيه وجهات النظر، أو إبداعي ككتابة رواية أو قصة أو قصيدة تحتاج إلى أحاسيس ومشاعر ومن ثم تطور في أسلوب الكتابة ونوعيتها حتى لا يكون هناك مسخ متكرر في الفكرة والأسلوب والطرح واللغة.

بالطبع لا اعتراض لدي بتاتاً على استخدام الذكاء الاصطناعي فيما يخدم البشرية ويسهم في تطورها، ولكن تتالت على البال الكثير من الأسئلة التي تذهب إلى أين نريد أن نصل بالذكاء الاصطناعي، هل إلغاء البشرية، والتنازل عن الأحاسيس والمشاعر والجهد والعقل والتفكير والروح والوجدان أو هو توظيف لصالح البشرية يسهم في تطورها ونمائها ويسهم في اكتشاف علاجات للأمراض المستعصية وغيرها من الأمور المهمة.

أم إننا سنصل إلى برامج تعد من قبل الذكاء الاصطناعي وتخرج وتقدم من قبله ويكون مستمعوها كذلك برامج ذكاء اصطناعي، ونجلس نحن القرفصاء لنتحدث ثم نشرب ونأكل وننام ونستيقظ، لنعود لما كنا فيه بذكاء اصطناعي يفعل عنا كل شيء، يملكنا ولا نملكه، الحقيقة تضيع حينما لا نعرف كيف نوظف التقدم العلمي بشكل مناسب لخدمة البشرية، يا ترى إلى أين سنصل؟ هل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي سيلغي الوظائف؟ وهل سنعود بعدها كبشر إلى نظام المقايضة لنحصل على متطلباتنا المعيشية؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد