الاهتمام الكبير الذي وجده تقديم ملف السعوية للترشح لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2034 سواء من القيادة أو من الجهات التي تشارك في إنجاح هذا الحدث العالمي والاحتفاء الشعبي من المواطنين بهذه الخطوة تدل على شمولية الحدث الذي يتجاوز بكثير كونه يرتبط بالرياضة الأولى شعبية في العالم، ليحمل دلالات على مكانة السعودية وحضورها الدولي، وقدرتها على استضافة الأحداث الكبرى في شتى المجالات، خاصة أن نسخة عام 2034 ستكون الكبرى على الإطلاق في تاريخ البطولة، يتم تنظيمها في دولة واحدة إذ تقام بمشاركة 48 فريقاً يستضيفهم 15 ملعباً في 5 مدن في مناطق السعودية المختلفة، وانعكاساتها وفوائدها على بلادنا اقتصادياً وتنموياً، وتضيف برهاناً آخر على تفوق السعودية بثقافتها وقوة دبلوماسيتها الناعمة، وجاذبيتها الاستثمارية والسياحية، إلى جانب ما ينتظر المهتمين بكرة القدم سواء المنتخبات المشاركة أو الجمهور الحاضر أو المتابعين من أنحاء العالم من إبداع عرفت به السعودية وتفوق فيه السعوديون، وذلك ما تطلع إليه عراب الرؤية وقائد الخطوات الكبرى في كل المجالات ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي قال في افتتاحية ملف السعودية 2034: "نتطلع لاستضافة نسخة استثنائية وغير مسبوقة من بطولة كأس العالم لكرة القدم من خلال تسخير الإمكانات والطاقات لإسعاد عشاق كرة القدم حول العالم".
وتركيزي هنا على الجوانب الاقتصادية كوني اكتب في جريدة اقتصادية حيث يقدم النجاح في استضافة هذه الأحداث (وما يسبقه من مراحل الإعداد لها) برهاناً عملياً لجهات الاستثمار العالمية حول انظمة الاستثمار والإجراءات المالية والقضائية المرتبطة بالاستثمار، والمواهب المتوفرة في بلد يبني كل رهاناته على رؤية قيادته وتفوق مواطنيه يجعل الاستثمارات تجد ضالتها في أرض الفرص الحالية والمستقبلية التي تتمتع بأمن لا مثيل له وأنظمة مرنة تتطور تضاف إليها بنية تحتية حديثة وبيئة تقنية ضمن الأفضل عالمياً في مجالات التعاملات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، وهذا التوسع في الاستثمارات سيجلب معه فرص العمل للشباب والشابات المؤهلين في تخصصات مطلوبة في سوق العمل الدولي.
ومن شأن هذه الاستضافات للأحداث الكبيرة تشغيل القطاع الخدماتي من مساكن ومطاعم ومقاهي، وفي مجال الاستثمار ستكون هناك فرصة لعرض مجموعة من المشاريع الضخمة المرتبطة برؤية 2030 ومنها مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر الذي يعد وجهة سياحية راقية ومشروع القدية وهو مدينة ترفيهية تضم حدائق وملاعب رياضية ومشروع الدرعية بطابعه الثقافي والتاريخي حيث يضم أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
وهناك جانب مهم وهو دعم إقامة مثل هذه الأحداث الكبرى لقطاع السياحة الذي ينمو في السعودية بشكل سريع معززاً إسهامه في الناتج المحلي حيث تجذب مباريات كرة القدم ملايين المشجعين الذين ينفقون الأموال ليس فقط لشراء التذاكر وإنما أيضاً للانتقال بين المدن والإقامة فيها والطعام وشراء الهدايا التذكارية، ولذا وحسب دراسة أعدها بنك (جولد مان ساكس) الأمريكي فإن البورصة (سوق الأسهم) ترتفع في البلد المضيف لكأس العالم وهكذا فإن استضافة كأس العالم تحفز النمو الاقتصادي وصنع فرص العمل وتعزيز البنية التحتية إضافة إلى دعم التجارة الخارجية.
وأخيراً: بقي دور المواطن في استثمار الفرص الاقتصادية المتنوعة التي تأتي بها هذه الاستضافة (وغيرها من المحافل الدولية الكبرى التي أصبحت بلادنا وجهة لها)، وأقترح أن تتولى هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع الغرف التجارية دوراً توعوياً لرواد الأعمال بالفرص المتاحة والمشاريع المطلوبة في قطاعات البنية التحتية والسياحية والتجارية بحيث يتمكن شبابنا من تقديم إبداعاتهم بصورة تخدم هدفنا جميعاً وهو تقديم نسخة استثنائية من كأس العالم وإيجاد تجربة فريدة لملايين الزوار من أنحاء العالم.